قوله تعالى :
إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب [ ص: 42 ] قوله تعالى : إن الدين عند الله الإسلام الدين في هذه الآية الطاعة والملة ، والإسلام بمعنى الإيمان والطاعات ; قاله
أبو العالية ، وعليه جمهور المتكلمين . والأصل في مسمى الإيمان والإسلام التغاير ; لحديث
جبريل . وقد يكون بمعنى المرادفة . فيسمى كل واحد منهما باسم الآخر ; كما في حديث وفد
عبد القيس وأنه أمرهم بالإيمان بالله وحده وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831835هل تدرون ما الإيمان ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831836شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تؤدوا خمسا من المغنم ) الحديث . وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831837الإيمان بضع وسبعون بابا فأدناها إماطة الأذى وأرفعها قول لا إله إلا الله ) أخرجه
الترمذي . وزاد
مسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831838والحياء شعبة من الإيمان ) . ويكون أيضا بمعنى التداخل وهو أن يطلق أحدهما ويراد به مسماه في الأصل ومسمى الآخر ، كما في هذه الآية إذ قد دخل فيها التصديق والأعمال ; ومنه قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830196الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل [ ص: 43 ] بالأركان . أخرجه
ابن ماجه ، وقد تقدم والحقيقة هو الأول وضعا وشرعا وما عداه من باب التوسع ، والله أعلم .
قوله تعالى :
وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الآية أخبر تعالى عن اختلاف
أهل الكتاب أنه كان على علم منهم بالحقائق ، وأنه كان بغيا وطلبا للدنيا . قاله
ابن عمر وغيره . وفي الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : وما اختلف الذين أوتوا الكتاب بغيا بينهم إلا من بعد ما جاءهم العلم ; قاله
الأخفش . قال
محمد بن جعفر بن الزبير : المراد بهذه الآية
النصارى ، وهي توبيخ
لنصارى نجران . وقال
الربيع بن أنس : المراد بها
اليهود . ولفظ الذين أوتوا الكتاب يعم
اليهود والنصارى ; أي
وما اختلف الذين أوتوا الكتاب يعني في نبوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا من بعد ما جاءهم العلم يعني بيان صفته ونبوته في كتبهم . وقيل : أي وما اختلف الذين أوتوا الإنجيل في أمر
عيسى وفرقوا فيه القول إلا من بعد ما جاءهم العلم بأن الله إله واحد ، وأن
عيسى عبد الله ورسوله . بغيا نصب على المفعول من أجله ، أو على الحال من الذين ، والله تعالى أعلم .