قوله تعالى :
يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد [ ص: 56 ] ( يوم ) منصوب متصل بقوله :
ويحذركم الله نفسه .
يوم تجد . وقيل : هو متصل بقوله :
وإلى الله المصير . يوم تجد . وقيل : هو متصل بقوله :
والله على كل شيء قدير . يوم تجد ويجوز أن يكون منقطعا على إضمار اذكر ; ومثله قوله :
إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض .
و ( محضرا ) حال من الضمير المحذوف من صلة " ما " تقديره يوم تجد كل نفس ، ما عملته من خير محضرا . هذا على أن يكون تجد من وجدان الضالة . و ( ما ) من قوله
وما عملت من سوء عطف على ( ما ) الأولى . و ( تود ) في موضع الحال من ( ما ) الثانية . وإن جعلت تجد بمعنى تعلم كان محضرا المفعول الثاني ، وكذلك تكون تود في موضع المفعول الثاني ; تقديره يوم تجد كل نفس جزاء ما عملت محضرا . ويجوز أن تكون " ما " الثانية رفعا بالابتداء ، و ( تود ) في موضع رفع على أنه خبر الابتداء ، ولا يصح أن تكون " ما " بمعنى الجزاء ; لأن تود مرفوع ، ولو كان ماضيا لجاز أن يكون جزاء ، وكان يكون معنى الكلام : وما عملت من سوء ودت لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ; أي كما بين المشرق والمغرب . ولا يكون المستقبل إذا جعلت ( ما ) للشرط إلا مجزوما ; إلا أن تحمله على تقدير حذف الفاء ، على تقدير : وما عملت من سوء فهي تود .
أبو علي : هو قياس قول
الفراء عندي ; لأنه قال في قوله تعالى :
وإن أطعتموهم إنكم لمشركون : إنه على حذف الفاء . والأمد : الغاية ، وجمعه آماد . ويقال : استولى على الأمد ، أي غلب سابقا . قال
النابغة :
إلا لمثلك أو من أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على الأمد
والأمد : الغضب . يقال : أمد أمدا ، إذا غضب غضبا .