قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم .
الحب : المحبة ، وكذلك الحب بالكسر . والحب أيضا الحبيب ; مثل الخدن والخدين ; يقال أحبه فهو محب ، وحبه يحبه ( بالكسر ) فهو محبوب . قال
الجوهري : وهذا
[ ص: 57 ] شاذ ; لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر . قال
أبو الفتح : والأصل فيه حبب كظرف ، فأسكنت الباء وأدغمت في الثانية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12721ابن الدهان سعيد : في حب لغتان : حب وأحب ، وأصل " حب " في هذا البناء حبب كظرف ; يدل على ذلك قولهم : حببت ، وأكثر ما ورد فعيل من فعل . قال
أبو الفتح : والدلالة على " أحب " قوله تعالى :
يحبهم ويحبونه بضم الياء . و
اتبعوني يحببكم الله و " حب " يرد على فعل لقولهم حبيب . وعلى فعل كقولهم محبوب : ولم يرد اسم الفاعل من حب المتعدي ، فلا يقال : أنا حاب . ولم يرد اسم المفعول من أفعل إلا قليلا ; كقوله :
مني بمنزلة المحب المكرم
وحكى
أبو زيد : حببته أحبه . وأنشد :
فوالله لولا تمره ما حببته ولا كان أدنى من عويف وهاشم
وأنشد :
لعمرك إنني وطلاب مصر لكالمزداد مما حب بعدا
وحكى
الأصمعي فتح حرف المضارعة مع الياء وحدها . والحب الخابية ، فارسي معرب ، والجمع حباب وحببة ; حكاه
الجوهري . والآية نزلت في
وفد نجران إذ زعموا أن ما ادعوه في
عيسى حب لله عز وجل ; قاله
محمد بن جعفر بن الزبير . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : نزلت في قوم من
أهل الكتاب قالوا : نحن الذين نحب ربنا . وروي أن المسلمين قالوا : يا رسول الله ، والله إنا لنحب ربنا ; فأنزل الله عز وجل :
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني . قال
ابن عرفة : المحبة عند العرب إرادة الشيء على قصد له . وقال
الأزهري : محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباعه أمرهما ; قال الله تعالى :
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني [ ص: 58 ] . ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران ; قال الله تعالى : إن الله لا يحب الكافرين ; أي لا يغفر لهم . وقال
سهل بن عبد الله :
علامة حب الله حب القرآن ، وعلامة حب القرآن حب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلامة حب النبي - صلى الله عليه وسلم - حب السنة ; وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وحب السنة حب الآخرة ، وعلامة حب الآخرة أن يحب نفسه ، وعلامة حب نفسه أن يبغض الدنيا ، وعلامة بغض الدنيا ألا يأخذ منها إلا الزاد والبلغة . وروى
أبو الدرداء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال : ( على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس ) خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14155أبو عبد الله الترمذي . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838114من أراد أن يحبه الله فعليه بصدق الحديث وأداء الأمانة وألا يؤذي جاره . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831844إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء - قال - ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه - قال - فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض . وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر سورة " مريم " إن شاء الله تعالى . وقرأ
أبو رجاء العطاردي ( فاتبعوني ) بفتح الباء ، ( ويغفر لكم ) عطف على ( يحببكم ) . وروى
محبوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء أنه أدغم الراء من ( يغفر ) في اللام من ( لكم ) . قال
النحاس : لا يجيز
الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه إدغام الراء في اللام ،
وأبو عمرو أجل من أن يغلط في مثل هذا ، ولعله كان يخفي الحركة كما يفعل في أشياء كثيرة .