قوله تعالى : ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين
قوله تعالى :
ومكروا يعني كفار
بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر ، أي قتله . وذلك أن
عيسى عليه السلام لما أخرجه قومه وأمه من بين أظهرهم عاد إليهم مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة فهموا بقتله وتواطئوا على الفتك به ، فذلك مكرهم . ومكر الله : استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون ; عن
الفراء وغيره . قال
ابن عباس : كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة . وقال
الزجاج : مكر الله مجازاتهم على مكرهم ; فسمي الجزاء باسم الابتداء ; كقوله :
الله يستهزئ بهم ،
وهو خادعهم . وقد تقدم في البقرة . وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع . والمكر : خدالة الساق . وامرأة ممكورة الساقين . والمكر : ضرب من الثياب . ويقال : بل هو المغرة ; حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس . وقيل : " مكر الله " إلقاء شبه
عيسى على غيره
[ ص: 94 ] ورفع
عيسى إليه ، وذلك أن
اليهود لما اجتمعوا على قتل
عيسى دخل البيت هاربا منهم فرفعه
جبريل من الكوة إلى السماء ، فقال ملكهم لرجل منهم خبيث يقال له
يهوذا : ادخل عليه فاقتله ، فدخل الخوخة فلم يجد هناك
عيسى وألقى الله عليه شبه
عيسى ، فلما خرج رأوه على شبه
عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه . ثم قالوا : وجهه يشبه وجه
عيسى ، وبدنه يشبه بدن صاحبنا ; فإن كان هذا صاحبنا فأين
عيسى وإن كان هذا
عيسى فأين صاحبنا فوقع بينهم قتال فقتل بعضهم بعضا ; فذلك قوله تعالى :
ومكروا ومكر الله . وقيل غير هذا على ما يأتي .
والله خير الماكرين اسم فاعل من مكر يمكر مكرا . وقد عده بعض العلماء في أسماء الله تعالى فيقول إذا دعا به : يا خير الماكرين امكر لي . وكان عليه السلام يقول في دعائه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=831875اللهم امكر لي ولا تمكر علي ) . وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ، والله أعلم .