قوله : فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
فمن حاجك فيه أي جادلك وخاصمك يا
محمد فيه ، أي في
عيسى من بعد ما جاءك من العلم بأنه عبد الله ورسوله .
فقل تعالوا أي أقبلوا . وضع لمن له جلالة ورفعة ثم صار في الاستعمال لكل داع إلى الإقبال ، وسيأتي له مزيد بيان في ( الأنعام ) . ( ندع ) في موضع جزم . ( أبناءنا ) دليل على أن أبناء البنات يسمون أبناء ; وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء
بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم : (
إن أنا دعوت فأمنوا ) . ثم نبتهل أي نتضرع في الدعاء ; عن
ابن عباس .
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : نلتعن . وأصل الابتهال الاجتهاد في الدعاء باللعن وغيره . قال
لبيد :
في كهول سادة من قومه نظر الدهر إليهم فابتهل
أي اجتهد في إهلاكهم . يقال : بهله الله أي لعنه . والبهل : اللعن . والبهل : الماء القليل . وأبهلته إذا خليته وإرادته . وبهلته أيضا . وحكى
أبو عبيدة : بهله الله يبهله بهلة أي لعنه . قال
ابن عباس : هم
أهل نجران : السيد والعاقب
وابن الحارث رؤساؤهم .
فنجعل لعنة الله على الكاذبين [ ص: 99 ] الثانية : هذه الآية من أعلام نبوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه دعاهم إلى المباهلة فأبوا منها ورضوا بالجزية بعد أن أعلمهم كبيرهم العاقب أنهم إن باهلوه اضطرم عليهم الوادي نارا فإن
محمدا نبي مرسل ، ولقد تعلمون أنه جاءكم بالفصل في أمر
عيسى ; فتركوا المباهلة وانصرفوا إلى بلادهم على أن يؤدوا في كل عام ألف حلة في صفر وألف حلة في رجب فصالحهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك بدلا من الإسلام .
الثالثة : قال كثير من العلماء : إن قوله عليه السلام في
الحسن والحسين لما باهل
ندع أبناءنا وأبناءكم وقوله في
الحسن : إن ابني هذا سيد . مخصوص
بالحسن والحسين أن يسميا ابني النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيرهما ; لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831879كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي ولهذا قال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيمن أوصى لولد فلان ولم يكن له ولد لصلبه وله ولد ابن وولد ابنة : إن الوصية لولد الابن دون ولد الابنة ; وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وسيأتي لهذا مزيد بيان في " الأنعام والزخرف " إن شاء الله تعالى .