(
ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ( 105 )
فيذرها قاعا صفصفا ( 106 )
لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ( 107 )
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ( 108 ) )
يقول تعالى : (
ويسألونك عن الجبال ) أي : هل تبقى يوم القيامة أو تزول؟ (
فقل ينسفها ربي نسفا ) أي : يذهبها عن أماكنها ويمحقها ويسيرها تسييرا .
( فيذرها ) أي : الأرض (
قاعا صفصفا ) أي : بساطا واحدا .
والقاع : هو المستوي من الأرض . والصفصف تأكيد لمعنى ذلك ، وقيل : الذي لا نبات فيه . والأول أولى ، وإن كان الآخر مرادا أيضا باللازم; ولهذا قال : (
لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) أي : لا ترى في الأرض يومئذ واديا ولا رابية ، ولا مكانا منخفضا ولا مرتفعا ، كذلك قال
ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد من السلف .
(
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ) أي : يوم يرون هذه الأحوال والأهوال ، يستجيبون مسارعين إلى الداعي ، حيثما أمروا بادروا إليه ، ولو كان هذا في الدنيا لكان أنفع لهم ، ولكن حيث لا ينفعهم ، كما قال تعالى : (
أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] ، وقال : (
مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ) [ القمر : 8 ] .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة ، وتطوى السماء ،
[ ص: 317 ] وتتناثر النجوم ، وتذهب الشمس والقمر ، وينادي مناد ، فيتبع الناس الصوت [ فيأتونه ] فذلك قوله : (
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ) .
وقال قتادة : (
لا عوج له ) لا يميلون عنه .
وقال أبو صالح : (
لا عوج له ) لا عوج عنه .
وقوله : (
وخشعت الأصوات للرحمن ) : قال
ابن عباس : سكنت : وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
(
فلا تسمع إلا همسا ) قال
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : يعني : وطء الأقدام . وكذا قال
عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
فلا تسمع إلا همسا ) : الصوت الخفي . وهو رواية عن
عكرمة ، والضحاك .
وقال
سعيد بن جبير : (
فلا تسمع إلا همسا ) : الحديث ، وسره ، ووطء الأقدام . فقد جمع
سعيد كلا القولين وهو محتمل ، أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر ، وهو مشيهم في سكون وخضوع . وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال ، فقد قال تعالى : (
يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ) [ هود : 105 ] .