[ ص: 587 ] القول في
تأويل قوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ( 92 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : لن تدركوا - أيها المؤمنون - البر وهو " البر " من الله الذي يطلبونه منه بطاعتهم إياه وعبادتهم له ويرجونه منه ، وذلك تفضله عليهم بإدخالهم جنته ، وصرف عذابه عنهم .
ولذلك قال كثير من أهل التأويل " البر " : الجنة ؛ لأن
بر الرب بعبده في الآخرة إكرامه إياه بإدخاله الجنة .
ذكر من قال ذلك .
7386 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون في قوله : "
لن تنالوا البر " قال : الجنة .
7387 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
الحماني قال : حدثنا
شريك ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون في قوله : "
لن تنالوا البر " قال : البر الجنة .
7388 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
لن تنالوا البر " أما البر فالجنة .
قال
أبو جعفر : فتأويل الكلام : لن تنالوا - أيها المؤمنون - جنة ربكم " حتى تنفقوا مما تحبون " يقول : حتى تتصدقوا مما تحبون وتهوون أن يكون لكم من نفيس أموالكم ، كما : -
7389 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " يقول : لن تنالوا بر ربكم حتى
[ ص: 588 ] تنفقوا مما يعجبكم ، ومما تهوون من أموالكم .
7390 - حدثني
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر ، عن
عباد ، عن
الحسن قوله : "
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " قال : من المال .
وأما قوله : " وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم " فإنه يعني به : ومهما تنفقوا من شيء فتتصدقوا به من أموالكم فإن الله - تعالى ذكره - بما يتصدق به المتصدق منكم - فينفقه مما يحب من ماله في سبيل الله وغير ذلك - " عليم " . يقول : هو ذو علم بذلك كله ، لا يعزب عنه شيء منه ، حتى يجازي صاحبه عليه جزاءه في الآخرة ، كما : -
7391 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم " يقول : محفوظ لكم ذلك ، الله به عليم شاكر له .
وبنحو التأويل الذي قلنا تأول هذه الآية جماعة من الصحابة والتابعين .
ذكر من قال ذلك :
7392 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله - عز وجل - : "
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " قال : كتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من
جلولاء يوم فتحت
مدائن كسرى في قتال
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، فدعا بها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فقال : إن الله يقول : "
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " فأعتقها
عمر وهي مثل قول الله - عز وجل - : (
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) [ سورة الإنسان : 8 ] ، و (
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) [ سورة الحشر : 9 ] .
[ ص: 589 ]
7393 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله سواء .
7394 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
ابن أبي عدي ، عن حميد ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810279عن أنس بن مالك ، قال : لما نزلت هذه الآية : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، أو هذه الآية : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) [ سورة البقرة : 245\ الحديد : 11 ] قال أبو طلحة يا رسول الله : حائطي الذي بكذا وكذا صدقة ، ولو استطعت أن أجعله سرا لم أجعله علانية . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلها في فقراء أهلك .
7395 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
الحجاج بن المنهال ، قال حدثنا
حماد ، عن ثابت ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=810280عن أنس بن مالك قال : لما نزلت هذه الآية : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " قال أبو طلحة يا رسول الله : إن الله يسألنا من أموالنا ، اشهد أني قد جعلت أرضي بأريحا لله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجعلها [ ص: 590 ] في قرابتك . فجعلها بين حسان بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب . [ ص: 591 ]
7396 - حدثنا
عمران بن موسى قال : حدثنا
عبد الوارث قال : حدثنا
ليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : أن رجلا سأل
أبا ذر : أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة عماد الإسلام ، والجهاد سنام العمل ، والصدقة شيء عجب . فقال : يا
أبا ذر لقد تركت شيئا هو أوثق عملي في نفسي ، لا أراك ذكرته ؟ قال : ما هو ؟ قال : الصيام . فقال : قربة ، وليس هناك . وتلا هذه الآية : " لن
تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " .
[ ص: 592 ]
7397 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
داود بن عبد الرحمن المكي ، عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال : لما نزلت هذه الآية : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " جاء زيد بفرس له يقال له : " سبل " إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : تصدق بهذه يا رسول الله . فأعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنه nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد بن حارثة ، فقال : يا رسول الله ، إنما أردت أن أتصدق به . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد قبلت صدقتك .
7398 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن أيوب وغيره أنها حين نزلت : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " جاء nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها ، فقال : يا رسول الله ، هذه في سبيل الله . فحمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها أسامة بن زيد ، فكأن زيدا وجد في نفسه ، فلما رأى ذلك منه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أما إن الله قد قبلها .