القول في تأويل قوله تعالى ( فيه آيات بينات مقام إبراهيم )
قال
أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك ،
فقرأه قرأة الأمصار : (
فيه آيات بينات ) على جماع "آية " ، بمعنى : فيه علامات بينات .
وقرأ ذلك
ابن عباس . ( فيه آية بينة ) ، يعني بها :
مقام إبراهيم ، يراد بها : علامة واحدة .
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "
فيه آيات بينات " وما تلك الآيات؟ . فقال بعضهم :
مقام إبراهيم والمشعر الحرام ، ونحو ذلك .
ذكر من قال ذلك :
7448 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال :
[ ص: 27 ] حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
فيه آيات بينات " ،
مقام إبراهيم ، والمشعر .
7449 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ومجاهد : "
فيه آيات بينات مقام إبراهيم " قال : مقام إبراهيم ، من الآيات البينات .
وقال آخرون : "الآيات البينات " ،
مقام إبراهيم "
ومن دخله كان آمنا " .
ذكر من قال ذلك :
7450 - حدثني
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر الحنفي قال : حدثنا
عباد ، عن
الحسن في قوله : "
فيه آيات بينات " قال : "
مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا " .
وقال آخرون : "الآيات البينات " ، هو
مقام إبراهيم .
ذكر من قال ذلك :
7451 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قوله : "
فيه آيات بينات مقام إبراهيم " أما "الآيات البينات " فمقام إبراهيم .
قال
أبو جعفر : وأما الذين قرأوا ذلك : "فيه آية بينة " على التوحيد ، فإنهم عنوا ب "الآية البينة " ،
مقام إبراهيم .
ذكر من قال ذلك :
7452 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي [ ص: 28 ] نجيح ، عن
مجاهد : "فيه آية بينة " ، قال : قدماه في المقام آية بينة . يقول : "
ومن دخله كان آمنا " قال : هذا شيء آخر .
7453 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
ليث ، عن
مجاهد : "فيه آية بينة مقام إبراهيم " قال : أثر قدميه في المقام ، آية بينة .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ، قول من قال : "الآيات البينات ، منهن
مقام إبراهيم " ، وهو قول
قتادة ومجاهد الذي رواه
معمر عنهما . فيكون الكلام مرادا فيه "منهن " ، فترك ذكره اكتفاء بدلالة الكلام عليها .
فإن قال قائل : فهذا المقام من الآيات البينات ، فما سائر الآيات التي من أجلها قيل : "
آيات بينات "؟
قيل : منهن
المقام ، ومنهن
الحجر ، ومنهن
الحطيم .
وأصح القراءتين في ذلك قراءة من قرأه : "
فيه آيات بينات " ، على الجماع ، لإجماع قرأة أمصار المسلمين على أن ذلك هو القراءة الصحيحة دون غيرها .
وأما اختلاف أهل التأويل في تأويل : "
مقام إبراهيم " ، فقد ذكرناه في "سورة البقرة " ، وبينا أولى الأقوال بالصواب فيه هنالك ، وأنه عندنا المقام المعروف به .
[ ص: 29 ]
فتأويل الآية إذا : إن أول بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين ، للذي
ببكة ، فيه علامات بينات من قدرة الله وآثار خليله
إبراهيم ، منهن أثر قدم خليله
إبراهيم صلى الله عليه وسلم في الحجر الذي قام عليه .