القول في
تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ( 100 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عنى بذلك .
فقال بعضهم : عنى بقوله : "
يا أيها الذين آمنوا " ،
الأوس والخزرج ، وب "
الذين أوتوا الكتاب " ،
شأس بن قيس اليهودي ، على ما قد ذكرنا قبل من خبره عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم .
وقال آخرون ، فيمن عني بالذين آمنوا ، مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم غير أنهم قالوا : الذي جرى الكلام بينه وبين غيره من
الأنصار حتى هموا بالقتال ووجد اليهودي به مغمزا فيهم :
ثعلبة بن عنمة الأنصاري .
ذكر من قال ذلك :
7529 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين [ ص: 59 ] " ، قال : نزلت في
ثعلبة بن عنمة الأنصاري ، كان بينه وبين أناس من
الأنصار كلام ، فمشى بينهم يهودي من قينقاع ، فحمل بعضهم على بعض ، حتى همت الطائفتان من
الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح فيقاتلوا ، فأنزل الله عز وجل : "
إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين " ، يقول : إن حملتم السلاح فاقتتلتم ، كفرتم .
7530 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
جعفر بن سليمان ، عن
حميد الأعرج ، عن مجاهد في قوله : "
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب " ، قال :
كان جماع قبائل الأنصار بطنين : الأوس والخزرج ، وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن ، حتى من الله عليهم بالإسلام وبالنبي صلى الله عليه وسلم ، فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم ، وألف بينهم بالإسلام . قال : فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحدثان ، ومعهما يهودي جالس ، فلم يزل يذكرهما أيامهما والعداوة التي كانت بينهم ، حتى استبا ثم اقتتلا . قال : فنادى هذا قومه وهذا قومه ، فخرجوا بالسلاح ، وصف بعضهم لبعض . قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد يومئذ بالمدينة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء ليسكنهم ، حتى رجعوا ووضعوا السلاح ، فأنزل الله عز وجل القرآن في ذلك : " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب " إلى قوله : " عذاب عظيم " .
قال
أبو جعفر : فتأويل الآية : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم من عند الله ، إن تطيعوا جماعة ممن ينتحل الكتاب من أهل التوراة والإنجيل ، فتقبلوا منهم ما يأمرونكم به ، يضلوكم
[ ص: 60 ] فيردوكم بعد تصديقكم رسول ربكم ، وبعد إقراركم بما جاء به من عند ربكم ، كافرين يقول : جاحدين لما قد آمنتم به وصدقتموه من الحق الذي جاءكم من عند ربكم . فنهاهم جل ثناؤه : أن ينتصحوهم ، ويقبلوا منهم رأيا أو مشورة ، ويعلمهم تعالى ذكره أنهم لهم منطوون على غل وغش وحسد وبغض ، كما :
7531 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين " ، قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون ، وحذركم وأنبأكم بضلالتهم ، فلا تأتمنوهم على دينكم ، ولا تنتصحوهم على أنفسكم ، فإنهم الأعداء الحسدة الضلال . كيف تأتمنون قوما كفروا بكتابهم ، وقتلوا رسلهم ، وتحيروا في دينهم ، وعجزوا عن أنفسهم ؟ أولئك والله هم أهل التهمة والعداوة !
7532 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، مثله .