القول في
تأويل قوله ( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ( 111 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وإن يقاتلكم أهل الكتاب من
اليهود والنصارى يهزموا عنكم ، فيولوكم أدبارهم انهزاما .
فقوله : "
يولوكم الأدبار " ، كناية عن انهزامهم ، لأن المنهزم يحول ظهره إلى جهة الطالب هربا إلى ملجأ وموئل يئل إليه منه ، خوفا على نفسه ، والطالب في أثره . فدبر المطلوب حينئذ يكون محاذي وجه الطالب الهازمه .
"
ثم لا ينصرون " ، يعني : ثم لا ينصرهم الله ، أيها المؤمنون ، عليكم ، لكفرهم بالله ورسوله ، وإيمانكم بما آتاكم نبيكم
محمد صلى الله عليه وسلم . لأن الله عز وجل قد ألقى الرعب في قلوبهم ، فأيدكم أيها المؤمنون بنصركم . .
[ ص: 110 ]
وهذا
وعد من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان ، نصرهم على الكفرة به من أهل الكتاب .
وإنما رفع قوله : "
ثم لا ينصرون " وقد جزم قوله : "
يولوكم الأدبار " ، على جواب الجزاء ، ائتنافا للكلام ، لأن رءوس الآيات قبلها بالنون ، فألحق هذه بها ، كما قال : (
ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) [ سورة المرسلات : 36 ] ، رفعا ، وقد قال في موضع آخر : (
لا يقضى عليهم فيموتوا ) [ سورة فاطر : 36 ] إذ لم يكن رأس آية .