[ ص: 125 ] القول في تأويل قوله (
يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ( 113 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : "
يتلون آيات الله " ، يقرءون كتاب الله آناء الليل . ويعني بقوله : "
آيات الله " ، ما أنزل في كتابه من العبر والمواعظ . يقول : يتلون ذلك آناء الليل ، يقول : في ساعات الليل ، فيتدبرونه ويتفكرون فيه .
وأما "آناء الليل " ، فساعات الليل ، واحدها "إني " ، كما قال الشاعر :
حلو ومر كعطف القدح مرته في كل إني حذاه الليل ينتعل
[ ص: 126 ]
وقد قيل إن واحد "الآناء " ، "إنى " مقصور ، كما واحد "الأمعاء " "معى " .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : تأويله : ساعات الليل ، كما قلنا .
ذكر من قال ذلك :
7656 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
يتلون آيات الله آناء الليل " ، أي : ساعات الليل .
7657 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قال : "
آناء الليل " ، ساعات الليل .
7658 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال :
عبد الله بن كثير : سمعنا العرب تقول : "
آناء الليل " ، ساعات الليل .
وقال آخرون "
آناء الليل " ، جوف الليل .
ذكر من قال ذلك :
7659 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
يتلون آيات الله آناء الليل " ، أما "
آناء الليل " ، فجوف الليل .
[ ص: 127 ]
وقال آخرون : بل عنى بذلك قوم كانوا يصلون العشاء الآخرة .
ذكر من قال ذلك :
7660 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
الحسن بن يزيد العجلي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في قوله : "
يتلون آيات الله آناء الليل " ، صلاة العتمة ، هم يصلونها ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها .
7661 - حدثني
يونس قال أخبرنا
ابن وهب قال : حدثني
يحيى بن أيوب ، عن
عبيد الله بن زحر ، عن
سليمان ، عن
زر بن حبيش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812043احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، كان عند بعض أهله ونسائه : فلم يأتنا لصلاة العشاء حتى ذهب ليل ، فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع ، فبشرنا وقال : "إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب! فأنزل الله : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " [ ص: 128 ]
7662 - حدثني
يونس قال : حدثنا
علي بن معبد ، عن
أبي يحيى الخراساني ، عن
نصر بن طريف ، عن
عاصم ، عن
زر بن حبيش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812044خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ننتظر العشاء - يريد العتمة - فقال لنا : ما على الأرض أحد من أهل الأديان ينتظر هذة الصلاة في هذا الوقت غيركم! قال : فنزلت : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " [ ص: 129 ]
وقال آخرون : بل عني بذلك قوم كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء .
ذكر من قال ذلك :
7663 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري ، عن
منصور قال : بلغني أنها نزلت : "
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " فيما بين المغرب والعشاء .
قال
أبو جعفر : وهذه الأقوال التي ذكرتها على اختلافها ، متقاربة المعاني . وذلك أن الله تعالى ذكره وصف هؤلاء القوم بأنهم يتلون آيات الله في ساعات الليل ، وهي آناؤه ، وقد يكون تاليها في صلاة العشاء تاليا لها آناء الليل ، وكذلك من تلاها فيما بين المغرب والعشاء ، ومن تلاها جوف الليل ، فكل تال له ساعات الليل . غير أن أولى الأقوال بتأويل الآية ، قول من قال : "عني بذلك تلاوة القرآن في صلاة العشاء " ، لأنها صلاة لا يصليها أحد من
أهل الكتاب " ، فوصف الله أمة
محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم يصلونها دون
أهل الكتاب الذين كفروا بالله ورسوله .
وأما قوله : "
وهم يسجدون " ، فإن بعض أهل العربية زعم أن معنى "السجود " في هذا الموضع ، اسم الصلاة لا للسجود ، لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع . فكان معنى الكلام عنده : يتلون آيات الله آناء الليل وهم يصلون ، .
وليس المعنى على ما ذهب إليه ، وإنما معنى الكلام : من أهل الكتاب أمة قائمة ، يتلون آيات الله آناء الليل في صلاتهم ، وهم مع ذلك يسجدون فيها ، ف "السجود " ، هو "السجود " المعروف في الصلاة .