القول في
تأويل قوله ( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون ( 117 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وما فعل الله بهؤلاء الكفار ما فعل بهم ، من إحباطه ثواب أعمالهم وإبطاله أجورها ظلما منه لهم يعني : وضعا منه لما فعل بهم من ذلك في غير موضعه وعند غير أهله ، بل وضع فعله ذلك في موضعه ، وفعل بهم ما هم أهله . لأن عملهم الذي عملوه لم يكن لله وهم له بالوحدانية دائنون ، ولأمره متبعون ، ولرسله مصدقون ، بل كان ذلك منهم وهم به مشركون ، ولأمره مخالفون ، ولرسله مكذبون ، بعد تقدم منه إليهم أنه لا يقبل عملا من عامل إلا مع إخلاص التوحيد له ، والإقرار بنبوة أنبيائه ، وتصديق ما جاءوهم به ، وتوكيده الحجج بذلك عليهم . فلم يكن بفعله ما فعل بمن كفر به وخالف أمره في ذلك بعد
[ ص: 138 ] الإعذار إليه ، من إحباط وفر عمله له ظالما ، بل الكافر هو الظالم نفسه ، لإكسابها من معصية الله وخلاف أمره ، ما أوردها به نار جهنم ، وأصلاها به سعير سقر .