القول في تأويل قوله عز وجل (
قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ( 119 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : "قل " ، يا
محمد ، لهؤلاء
اليهود الذين وصفت لك صفتهم ، وأخبرتك أنهم إذا لقوا أصحابك قالوا : آمنا ، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ : "
موتوا بغيظكم " الذي بكم على المؤمنين لاجتماع كلمتهم وائتلاف جماعتهم .
وخرج هذا الكلام مخرج الأمر ، وهو دعاء من الله نبيه
محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يدعو عليهم بأن يهلكهم الله ، كمدا مما بهم من الغيظ على المؤمنين ، قبل أن يروا فيهم ما يتمنون لهم من العنت في دينهم ، والضلالة بعد هداهم ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل يا
محمد : اهلكوا بغيظكم "
إن الله عليم بذات الصدور " ،
[ ص: 155 ] يعني بذلك : إن الله ذو علم بالذي في صدور هؤلاء الذين إذا لقوا المؤمنين ، قالوا : "آمنا " ، وما ينطوون لهم عليه من الغل والغم ، ويعتقدون لهم من العداوة والبغضاء ، وبما في صدور جميع خلقه ، حافظ على جميعهم ما هو عليه منطو من خير وشر ، حتى يجازي جميعهم على ما قدم من خير وشر ، واعتقد من إيمان وكفر ، وانطوى عليه لرسوله وللمؤمنين من نصيحة ، أو غل وغمر .