[ ص: 173 ] القول في تأويل قوله (
إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ( 124 )
بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ( 125 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ، إذ تقول للمؤمنين بك من أصحابك : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ؟ وذلك يوم
بدر .
ثم اختلف أهل التأويل في
حضور الملائكة يوم بدر حربهم ، في أي يوم وعدوا ذلك ؟
فقال بعضهم : إن الله عز وجل كان وعد المؤمنين يوم بدر أن يمدهم بملائكته ، إن أتاهم العدو من فورهم ، فلم يأتوهم ، ولم يمدوا .
ذكر من قال ذلك :
7743 - حدثني
حميد بن مسعدة قال : حدثنا
بشر بن المفضل قال : حدثنا
داود ، عن
عامر قال : حدث المسلمون أن
كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين ، قال : فشق ذلك على المسلمين ، فقيل لهم : "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، قال : فبلغت
كرزا الهزيمة ، فرجع ، ولم يمدهم بالخمسة .
[ ص: 174 ]
7744 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : حدثنا
عبد الأعلى قال : حدثنا
داود ، عن
عامر قال : لما كان يوم
بدر بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : "
ويأتوكم من فورهم هذا " - يعني
كرزا وأصحابه - "يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، قال : فبلغ
كرزا وأصحابه الهزيمة ، فلم يمدهم ، ولم تنزل الخمسة ، وأمدوا بعد ذلك بألف ، فهم أربعة آلاف من الملائكة مع المسلمين .
7745 - حدثني
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر الحنفي ، عن
عباد عن
الحسن في قوله : "
إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة " ، الآية كلها ، قال : هذا يوم بدر .
7746 - حدثني
يعقوب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
داود ، عن
الشعبي قال : حدث المسلمون أن
كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين
ببدر ، قال : فشق ذلك على المسلمين; فأنزل الله عز وجل
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم " إلى قوله : "
من الملائكة مسومين " ، قال : فبلغته
هزيمة المشركين ، فلم يمد أصحابه ، ولم يمدوا بالخمسة .
وقال آخرون : كان هذا الوعد من الله لهم يوم
بدر ، فصبر المؤمنون واتقوا الله ، فأمدهم بملائكته على ما وعدهم .
ذكر من قال ذلك :
7747 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
محمد بن إسحاق قال : حدثني
عبد الله بن أبي بكر ، عن
بعض بني ساعدة قال : سمعت
أبا أسيد مالك بن ربيعة بعد ما أصيب بصره يقول : لو كنت معكم
ببدر الآن
[ ص: 175 ] ومعي بصري ، لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة ، لا أشك ولا أتمارى .
7748 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : قال
ابن إسحاق ، وحدثني
عبد الله بن أبي بكر ، عن
بعض بني ساعدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=45أبي أسيد مالك بن ربيعة ، وكان شهد
بدرا : أنه قال بعد إذ ذهب بصره : لو كنت معكم اليوم
ببدر ومعي بصري ، لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة ، لا أشك ولا أتمارى .
7749 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق قال : حدثني
عبد الله بن أبي بكر : أنه حدث عن
ابن عباس : أن
ابن عباس قال : حدثني رجل من
بني غفار قال : أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على
بدر ، ونحن مشركان ، ننتظر الوقعة ، على من تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب . قال : فبينا نحن في الجبل ، إذ دنت منا سحابة ، فسمعنا فيها حمحمة الخيل ، فسمعت قائلا يقول : أقدم حيزوم . قال : فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك ، ثم تماسكت .
7750 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق قال : وحدثني
الحسن بن عمارة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة ، عن
مقسم مولى عبد الله بن الحارث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس قال : لم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم
بدر ، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون .
7751 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : قال
محمد بن إسحاق ، [ ص: 176 ] حدثني
أبي إسحاق بن يسار ، عن رجال من
بني مازن بن النجار ، عن
أبي داود المازني ، وكان شهد بدرا قال : إني لأتبع رجلا من المشركين يوم
بدر لأضربه ، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أن قد قتله غيري .
7752 - حدثني
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : قال
محمد : حدثني
حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس قال : قال
أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : كنت غلاما
nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس بن عبد المطلب ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم
العباس وأسلمت
أم الفضل وأسلمت . وكان
العباس يهاب قومه ويكره أن يخالفهم ، وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه . وكان
أبو لهب عدو الله قد تخلف عن
بدر وبعث مكانه
العاصي بن هشام بن المغيرة . وكذلك صنعوا ، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا . فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب
بدر من
قريش كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا . قال : وكنت رجلا ضعيفا ، وكنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم ، فوالله إني لجالس فيها أنحت القداح ، وعندي
أم الفضل جالسة ، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر ، إذ أقبل الفاسق
أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة ، فكان ظهره إلى ظهري . فبينا هو جالس إذ قال الناس : هذا
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم! قال : قال
أبو لهب : هلم إلي يا ابن أخي ، فعندك الخبر! قال : فجلس إليه والناس قيام عليه ، فقال : يا ابن أخي أخبرني ، كيف كان أمر الناس ؟ قال : لا شيء والله ، إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاءوا! وايم الله ،
[ ص: 177 ] مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق ما بين السماء والأرض ما تليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء . قال
أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت : تلك الملائكة!
7753 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد قال : حدثني
الحسن بن عمارة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة ، عن
مقسم ، عن
ابن عباس قال : كان الذي أسر
العباس nindex.php?page=showalam&ids=6أبا اليسر كعب بن عمرو أخو
بني سلمة ، وكان
أبو اليسر رجلا مجموعا ، وكان
العباس رجلا جسيما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأبي اليسر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810296 "كيف أسرت العباس أبا اليسر ؟ ! قال : يا رسول الله ، لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده ، هيئته كذا وكذا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لقد أعانك عليه ملك كريم " .
7754 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين " ، أمدوا بألف ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم صاروا خمسة آلاف "
بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ،
[ ص: 178 ] وذلك
يوم بدر ، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة .
7755 - حدثت عن
عمار ، عن
ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، عن
الربيع ، بنحوه .
7756 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس في قوله : "
يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، فإنهم أتوا
محمدا صلى الله عليه وسلم مسومين .
7757 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
سفيان ، عن
ابن خثيم ، عن
مجاهد قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر .
وقال آخرون : إن الله عز وجل : إنما وعدهم يوم
بدر أن يمدهم إن صبروا عند طاعته وجهاد أعدائه ، واتقوه باجتناب محارمه ، أن يمدهم في حروبهم كلها ، فلم يصبروا ولم يتقوا إلا في يوم الأحزاب ، فأمدهم حين حاصروا
قريظة .
ذكر من قال ذلك :
7758 - حدثني
محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا
سليمان بن زيد أبو إدام المحاربي ، عن
عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا محاصري
قريظة والنضير ما شاء الله أن نحاصرهم ، فلم يفتح علينا ، فرجعنا ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فهو يغسل رأسه ، إذ جاءه
جبريل صلى الله عليه وسلم فقال : يا
محمد ، وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرقة ، فلف بها رأسه ولم يغسله ، ثم نادى فينا فقمنا
[ ص: 179 ] كالين معيين لا نعبأ بالسير شيئا ، حتى أتينا
قريظة والنضير ، فيومئذ أمدنا الله عز وجل بثلاثة آلاف من الملائكة ، وفتح الله لنا فتحا يسيرا ، فانقلبنا بنعمة من الله وفضل .
وقال آخرون بنحو هذا المعنى ، غير أنهم قالوا : لم يصبر القوم ولم يتقوا ولم يمدوا بشيء في أحد .
ذكر من قال ذلك :
7759 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، سمعه يقول : "
بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا " ، قال : يوم
بدر . قال : فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد ، ولو مدوا لم يهزموا يومئذ .
[ ص: 180 ]
7760 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال : سمعت
عكرمة يقول : لم يمدوا يوم أحد ولا بملك واحد أو قال : إلا بملك واحد ،
أبو جعفر يشك .
7761 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ قال : سمعت
عبيد بن سليمان ، عن
الضحاك ، قوله : "
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف " إلى "خمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، كان هذا موعدا من الله يوم أحد عرضه على نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : أن المؤمنين إن اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين; ففر المسلمون يوم
أحد وولوا مدبرين ، فلم يمدهم الله .
7762 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا " الآية كلها . قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم ينظرون المشركين :
يا رسول الله ، أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين " ، وإنما أمدكم يوم بدر بألف ؟ " قال : فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا ، قال : بشرط أن يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم . الآية كلها .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر عن نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال للمؤمنين : ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة ؟ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مددا لهم ، ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف ، خمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم واتقوا الله . ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف ، ولا بالخمسة آلاف ، ولا على أنهم لم يمدوا بهم .
وقد يجوز أن يكون الله عز وجل أمدهم ، على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم وقد يجوز أن يكون لم يمدهم على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك . ولا خبر
[ ص: 181 ] عندنا صح من الوجه الذي يثبت أنهم أمدوا بالثلاثة الآلاف ولا بالخمسة الآلاف . وغير جائز أن يقال في ذلك قول إلا بخبر تقوم الحجة به . ولا خبر به كذلك ، فنسلم لأحد الفريقين قوله . غير أن في القرآن دلالة على أنهم قد أمدوا يوم بدر بألف من الملائكة ، وذلك قوله : (
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) [ سورة الأنفال : 9 ] فأما في يوم أحد ، فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها في أنهم أمدوا . وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا ، وينال منهم ما نيل منهم . فالصواب فيه من القول أن يقال كما قال تعالى ذكره .
وقد بينا معنى "الإمداد " فيما مضى ، "والمدد " ، ومعنى "الصبر " و "التقوى . "
وأما قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا " ، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه .
فقال بعضهم : معنى قوله : "من فورهم هذا " ، من وجههم هذا .
ذكر من قال ذلك :
7763 - حدثنا
حميد بن مسعدة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن
عثمان بن غياث ، عن
عكرمة قال : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، قال : من وجههم هذا .
7764 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
من فورهم هذا " ، يقول : من وجههم هذا .
7765 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، مثله .
7766 - حدثنا
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر الحنفي قال : حدثنا
عباد ، عن
الحسن في قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، من وجههم هذا .
[ ص: 182 ]
7767 - حدثت عن
عمار بن الحسن ، عن
أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، يقول : من وجههم هذا .
7768 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " يقول : من وجههم هذا .
7779 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، يقول : من سفرهم هذا ويقال - يعني عن غير
ابن عباس - بل هو من غضبهم هذا .
7770 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : "من فورهم هذا " ، من وجههم هذا .
وقال آخرون : معنى ذلك : من غضبهم هذا .
ذكر من قال ذلك :
7771 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
عبد الأعلى قال : حدثنا
داود ، عن
عكرمة في قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة " ، قال : "فورهم ذلك " ، كان يوم
أحد ، غضبوا ليوم
بدر مما لقوا .
7772 - حدثني
محمد بن عمارة قال : حدثنا
سهل بن عامر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16872مالك بن مغول قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبا صالح مولى أم هانئ يقول : "
من فورهم هذا " ، يقول : من غضبهم هذا .
7773 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، قال : غضب لهم ، يعني الكفار ، فلم يقاتلوهم عند تلك الساعة ، وذلك يوم أحد .
7774 - حدثني
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
مجاهد : "
من فورهم هذا " ، قال : من غضبهم هذا .
[ ص: 183 ]
7775 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ قال : أخبرنا
عبيد بن سليمان قال سمعت
الضحاك ، في قوله : "
ويأتوكم من فورهم هذا " ، يقول : من وجههم وغضبهم .
قال
أبو جعفر : وأصل "الفور " ، ابتداء الأمر يؤخذ فيه ، ثم يوصل بآخر ، يقال منه : "فارت القدر فهي تفور فورا وفورانا " إذا ابتدأ ما فيها بالغليان ثم اتصل . و "مضيت إلى فلان من فوري ذلك " ، يراد به : من وجهي الذي ابتدأت فيه .
فالذي قال في هذه الآية : معنى قوله : "من فورهم هذا " ، من "وجههم هذا " قصد إلى أن تأويله : ويأتيكم
كرز بن جابر وأصحابه يوم
بدر من ابتداء مخرجهم الذي خرجوا منه لنصرة أصحابهم من المشركين .
وأما الذين قالوا : معنى ذلك : من غضبهم هذا فإنما عنوا أن تأويل ذلك : ويأتيكم كفار قريش وتباعهم يوم
أحد من ابتداء غضبهم الذي غضبوه لقتلاهم الذين قتلوا يوم
بدر بها ، يمددكم ربكم بخمسة آلاف .
ولذلك من اختلاف تأويلهم في معنى قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا " ، اختلف أهل التأويل في إمداد الله المؤمنين بأحد بملائكته .
فقال بعضهم : لم يمدوا بهم ، لأن المؤمنين لم يصبروا لأعدائهم ولم يتقوا الله عز وجل ، بترك من ترك من الرماة طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوته في الموضع الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبوت فيه ، ولكنهم أخلوا به
[ ص: 184 ] طلب الغنائم ، فقتل من قتل من المسلمين ونال المشركون منهم ما نالوا ، وإنما كان الله عز وجل وعد نبيه صلى الله عليه وسلم إمدادهم بهم إن صبروا واتقوا الله .
وأما الذين قالوا : كان ذلك يوم
بدر بسبب
كرز بن جابر ، فإن بعضهم قالوا : لم يأت
كرز وأصحابه إخوانهم من المشركين مددا لهم ببدر ، ولم يمد الله المؤمنين بملائكته ، لأن الله عز وجل إنما وعدهم أن يمدهم بملائكته إن أتاهم كرز ومدد المشركين من فورهم ، ولم يأتهم المدد .
وأما الذين قالوا : إن الله تعالى ذكره أمد المسلمين بالملائكة يوم بدر ، فإنهم اعتلوا بقول الله عز وجل : (
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) [ سورة الأنفال : 9 ] ، قال : فالألف منهم قد أتاهم مددا . وإنما الوعد الذي كانت فيه الشروط ، فما زاد على الألف ، فأما الألف فقد كانوا أمدوا به ، لأن الله عز وجل كان قد وعدهم ذلك ، ولن يخلف الله وعده .
قال
أبو جعفر : واختلف القرأة في قراءة قوله : "مسومين " .
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل
المدينة والكوفة : ( مسومين ) بفتح "الواو " ، بمعنى أن الله سومها .
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل
الكوفة والبصرة : ( مسومين ) بكسر "الواو " ، بمعنى أن الملائكة سومت لنفسها .
[ ص: 185 ]
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر "الواو " ، لتظاهر الأخبار عن [ أصحاب ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم بأن الملائكة هي التي سومت أنفسها ، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل ، أو إلى غيره من خلقه .
ولا معنى لقول من قال : إنما كان يختار الكسر في قوله : "مسومين " ، لو كان في البشر ، فأما الملائكة فوصفهم غير ذلك ظنا منه بأن الملائكة غير ممكن فيها تسويم أنفسها إمكان ذلك في البشر . وذلك أنه غير مستحيل أن يكون الله عز وجل مكنها من تسويم أنفسها نحو تمكينه البشر من تسويم أنفسهم ، فسوموا أنفسهم نحو الذي سوم البشر ، طلبا منها بذلك طاعة ربها ، فأضيف تسويمها أنفسها إليها . وإن كان ذلك عن تسبيب الله لهم أسبابه . وهي إذا كانت موصوفة بتسويمها أنفسها تقربا منها إلى ربها ، كان أبلغ في مدحها لاختيارها طاعة الله من أن تكون موصوفة بأن ذلك مفعول بها .
ذكر الأخبار بما ذكرنا : من إضافة من أضاف التسويم إلى الملائكة ، دون إضافة ذلك إلى غيرهم ، على نحو ما قلنا فيه :
[ ص: 186 ]
7776 - حدثني
يعقوب قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : أخبرنا
ابن عون ، عن
عمير بن إسحاق قال : إن أول ما كان الصوف ليومئذ يعني يوم
بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501770تسوموا ، فإن الملائكة قد تسومت .
7777 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
مختار بن غسان قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12827عبد الرحمن بن الغسيل ، عن
الزبير بن المنذر ، عن جده
أبي أسيد - وكان بدريا - فكان يقول : لو أن بصري فرج منه ، ثم ذهبتم معي إلى أحد ، لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم .
[ ص: 187 ]
7778 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، يقول : معلمين ، مجزوزة أذناب خيلهم ، ونواصيها - فيها الصوف أو العهن ، وذلك التسويم .
7779 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله :
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، قال : مجزوزة أذنابها ، وأعرافها فيها الصوف أو العهن ، فذلك التسويم .
7780 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
مسومين " ، ذكر لنا أن سيماهم يومئذ ، الصوف بنواصي خيلهم وأذنابها ، وأنهم على خيل بلق .
7781 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
مسومين " ، قال : كان سيماها صوفا في نواصيها .
7782 - حدثت عن
عمار ، عن
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، أنه كان يقول : "
مسومين " ، قال : كانت خيولهم مجزوزة الأعراف ، معلمة نواصيها وأذنابها بالصوف والعهن .
7783 - حدثت عن
عمار ، عن
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : كانوا يومئذ على خيل بلق .
7784 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
[ ص: 188 ] جويبر ، عن
الضحاك وبعض أشياخنا ، عن
الحسن ، نحو حديث
معمر ، عن
قتادة .
7785 - حدثنا
محمد قال : حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "مسومين " ، معلمين .
7786 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " ، فإنهم أتوا
محمدا صلى الله عليه وسلم ، مسومين بالصوف ، فسوم
محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف .
7787 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن يمان قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
عباد بن حمزة قال : نزلت الملائكة في سيما
الزبير ، عليهم عمائم صفر . وكانت عمامة
الزبير صفراء .
7788 - حدثنا
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : "
مسومين " ، قال : بالصوف في نواصيها وأذنابها .
7789 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة قال : نزلت الملائكة يوم
بدر على خيل بلق ، عليهم عمائم صفر . وكان على
الزبير يومئذ عمامة صفراء .
7790 - حدثني
أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا
عبد الرحمن بن شريك قال : حدثنا أبي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
عروة ، عن
عبد الله بن الزبير : أن
الزبير كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر ، فاعتم بها ، فنزلت الملائكة يوم بدر على نبي الله صلى الله عليه وسلم معممين بعمائم صفر .
[ ص: 189 ]
قال
أبو جعفر : فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501771تسوموا فإن الملائكة قد تسومت " وقول
أبي أسيد : " خرجت الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم " ، وقول من قال منهم : "
مسومين " معلمين ينبئ جميع ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك ، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها ، على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى .
وأما الذين قرأوا ذلك : "مسومين " ، بالفتح ، فإنهم أراهم تأولوا في ذلك ما :
7791 - حدثنا به
حميد بن مسعدة قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن
عثمان بن غياث ، عن
عكرمة : ( بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ) ، يقول : عليهم سيما القتال .
7792 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : ( بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ) ، يقول : عليهم سيما القتال ، وذلك يوم بدر ، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، يقول : عليهم سيما القتال .
فقالوا : كان سيما القتال عليهم ، لا أنهم كانوا تسوموا بسيما فيضاف إليهم التسويم ، فمن أجل ذلك قرأوا : "مسومين " ، بمعنى أن الله تعالى أضاف التسويم إلى من سومهم تلك السيما .
و"السيما " العلامة يقال : "هي سيما حسنة ، وسيمياء حسنة " ، كما قال الشاعر :
غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
[ ص: 190 ]
يعني بذلك : علامة من حسن ، فإذا أعلم الرجل بعلامة يعرف بها في حرب أو غيره قيل : "سوم نفسه فهو يسومها تسويما " .