القول في تأويل قوله جل ثناؤه (
وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ( 126 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : وما جعل الله وعده إياكم ما وعدكم من إمداده إياكم بالملائكة الذين ذكر عددهم "إلا بشرى لكم " ، يعني بشرى ، يبشركم بها "ولتطمئن قلوبكم به " ، يقول . وكي تطمئن بوعده الذي وعدكم من ذلك قلوبكم ، فتسكن إليه ، ولا تجزع من كثرة عدد عدوكم ، وقلة عددكم "وما النصر إلا من عند الله " ، يعني : وما ظفركم إن ظفرتم بعدوكم إلا بعون الله ، لا من قبل المدد الذي يأتيكم من الملائكة . يقول : فعلى الله فتوكلوا ، وبه فاستعينوا ، لا بالجموع وكثرة العدد ، فإن نصركم إن كان إنما يكون بالله وبعونه ومعكم من ملائكته خمسة آلاف ، فإنه إلى أن يكون ذلك بعون الله وبتقويته إياكم على عدوكم ، وإن كان معكم من البشر جموع كثيرة أحرى ، فاتقوا الله واصبروا
[ ص: 191 ] على جهاد عدوكم ، فإن الله ناصركم عليهم . كما : -
7793 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
وما جعله الله إلا بشرى لكم " ، يقول : إنما جعلهم ليستبشروا بهم وليطمئنوا إليهم ، ولم يقاتلوا معهم يومئذ يعني يوم أحد قال
مجاهد : ولم يقاتلوا معهم يومئذ ولا قبله ولا بعده إلا يوم
بدر .
7794 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به " ، لما أعرف من ضعفكم ، وما النصر إلا من عندي بسلطاني وقدرتي ، وذلك أن العز والحكم إلي ، لا إلى أحد من خلقي .
7795 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : "
وما النصر إلا من عند الله " ، لو شاء أن ينصركم بغير الملائكة فعل "العزيز الحكيم " .
وأما معنى قوله : "العزيز الحكيم " ، فإنه جل ثناؤه يعني : "العزيز " في انتقامه من أهل الكفر به بأيدي أوليائه من أهل طاعته "الحكيم " في تدبيره لكم ، أيها المؤمنون ، على أعدائكم من أهل الكفر ، وغير ذلك من أموره . يقول :
[ ص: 192 ] فأبشروا أيها المؤمنون ، بتدبيري لكم على أعدائكم ، ونصري إياكم عليهم ، إن أنتم أطعتموني فيما أمرتكم به ، وصبرتم لجهاد عدوي وعدوكم .