القول في تأويل قوله (
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ( 133 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وسارعوا " ، وبادروا وسابقوا "إلى مغفرة من ربكم " ، يعني : إلى ما يستر عليكم ذنوبكم من رحمته ، وما يغطيها عليكم من عفوه عن عقوبتكم عليها "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، يعني : وسارعوا أيضا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .
ذكر أن معنى ذلك : وجنة عرضها كعرض السماوات السبع والأرضين السبع ، إذا ضم بعضها إلى بعض .
ذكر من قال ذلك :
7830 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، قال : قال
ابن عباس : تقرن السماوات السبع والأرضون السبع ، كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذاك
عرض الجنة .
وإنما قيل : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فوصف عرضها بالسماوات والأرضين ، والمعنى ما وصفنا : من وصف عرضها بعرض السماوات والأرض ،
[ ص: 208 ] تشبيها به في السعة والعظم ، كما قيل : (
ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ سورة لقمان : 28 ] ، يعني : إلا كبعث نفس واحدة ، وكما قال الشاعر :
كأن عذيرهم بجنوب سلى نعام قاق في بلد قفار
أي : عذير نعام ، وكما قال الآخر :
حسبت بغام راحلتي عناقا! وما هي ، ويب غيرك بالعناق
يريد صوت عناق .
قال
أبو جعفر : وقد ذكر
nindex.php?page=hadith&LINKID=810307أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له : [ ص: 209 ] هذه الجنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال : هذا النهار إذا جاء ، أين الليل .
ذكر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره .
7831 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، عن
ابن خثيم ، عن
سعيد بن أبي راشد ، عن
يعلى بن مرة قال : لقيت
التنوخي رسول
هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بحمص ، شيخا كبيرا قد فند . قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب
هرقل ، فناول الصحيفة رجلا عن يساره . قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا :
معاوية . فإذا كتاب صاحبي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810308 "إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ [ ص: 210 ]
7832 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي قال :
[ ص: 211 ] حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب : أن ناسا من
اليهود سألوا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عن "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين النار ؟ قال : أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ "فقالوا : اللهم نزعت بمثله من التوراة ! .
7833 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب : أن
عمر أتاه ثلاثة نفر من أهل
نجران ، فسألوه وعنده أصحابه فقالوا : أرأيت قوله : "
وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فأحجم الناس ، فقال
عمر : "أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟ " فقالوا : نزعت مثلها من التوراة .
7834 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : أخبرنا
شعبة ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، عن
عمر بنحوه ، في الثلاثة الرهط الذين أتوا
عمر فسألوه : عن جنة عرضها كعرض السماوات والأرض ، بمثل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم .
[ ص: 212 ]
7835 - حدثنا
مجاهد بن موسى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون قال : أخبرنا
الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب قال : جاء رجل من
اليهود إلى
عمر فقال : تقولون : "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين تكون النار ؟ فقال له
عمر : أرأيت النهار إذا جاء أين يكون الليل ؟ أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ فقال : إنه لمثلها في التوراة ، فقال له صاحبه : لم أخبرته ؟ فقال له صاحبه : دعه ، إنه بكل موقن .
7836 - حدثني
أحمد بن حازم قال : أخبرنا
أبو نعيم قال : حدثنا
جعفر بن برقان قال : حدثنا
يزيد بن الأصم : أن رجلا من أهل الكتاب أتى
ابن عباس فقال : تقولون "جنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فقال
ابن عباس : أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟
[ ص: 213 ]
قال
أبو جعفر : وأما قوله : "أعدت للمتقين " فإنه يعني : إن الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرضين السبع ، أعدها الله للمتقين ، الذين اتقوا الله فأطاعوه فيما أمرهم ونهاهم ، فلم يتعدوا حدوده ، ولم يقصروا في واجب حقه عليهم فيضيعوه . كما : -
7837 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : "
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " ، أي : دارا لمن أطاعني وأطاع رسولي .