[ ص: 234 ] القول في تأويل
قوله ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ( 139 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا من الله تعالى ذكره تعزية لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما أصابهم من الجراح والقتل بأحد .
قال : "ولا تهنوا ولا تحزنوا " ، يا أصحاب
محمد ، يعني : ولا تضعفوا بالذي نالكم من عدوكم بأحد ، من القتل والقروح - عن جهاد عدوكم وحربهم .
من قول القائل : "وهن فلان في هذا الأمر فهو يهن وهنا " .
"ولا تحزنوا " ، ولا تأسوا فتجزعوا على ما أصابكم من المصيبة يومئذ ، فإنكم "
وأنتم الأعلون " ، يعني : الظاهرون عليهم ، ولكم العقبى في الظفر والنصرة عليهم "إن كنتم مؤمنين " ، يقول : إن كنتم مصدقي نبيي
محمد صلى الله عليه وسلم فيما يعدكم ، وفيما ينبئكم من الخبر عما يئول إليه أمركم وأمرهم . كما : -
7884 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
يونس ، عن
الزهري قال : كثر في أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم القتل والجراح ، حتى خلص إلى كل امرئ منهم البأس ، فأنزل الله عز وجل القرآن ، فآسى فيه المؤمنين بأحسن ما آسى به قوما من المسلمين كانوا قبلهم من الأمم الماضية ، فقال : "
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " إلى قوله : "لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم " .
7885 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " ، يعزي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كما تسمعون ، ويحثهم على قتال عدوهم ، وينهاهم عن العجز والوهن في طلب عدوهم في سبيل الله .
[ ص: 235 ]
7886 - حدثني
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر الحنفي قال : حدثنا
عباد ، عن
الحسن في قوله : "
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " ، قال : يأمر محمدا ، يقول : "ولا تهنوا " ، أن تمضوا في سبيل الله .
7887 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله عز وجل : "
ولا تهنوا " ، ولا تضعفوا .
7888 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
7889 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، في قوله : "
ولا تهنوا ولا تحزنوا " ، يقول : ولا تضعفوا .
7890 - حدثني
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "ولا تهنوا " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : ولا تضعفوا في أمر عدوكم ، "
ولا تحزنوا وأنتم الأعلون " ، قال :
انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب ، فقالوا : ما فعل فلان ؟ ما فعل فلان ؟ فنعى بعضهم بعضا ، وتحدثوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فكانوا في هم وحزن . فبينما هم كذلك ، إذ علا
خالد بن الوليد الجبل بخيل المشركين فوقهم ، وهم أسفل في الشعب . فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم فرحوا ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
"اللهم لا قوة لنا إلا بك ، وليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر "! . قال : وثاب نفر من المسلمين رماة ، فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله ، وعلا المسلمون الجبل . فذلك قوله : "
وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " .
7891 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "ولا تهنوا " ، أي : لا تضعفوا "ولا تحزنوا " ، ولا تأسوا على ما أصابكم ، "وأنتم الأعلون " ،
[ ص: 236 ] أي : لكم تكون العاقبة والظهور "إن كنتم مؤمنين " إن كنتم صدقتم نبيي بما جاءكم به عني .
7892 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قال : أقبل
خالد بن الوليد يريد أن يعلو عليهم الجبل ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم لا يعلون علينا " . فأنزل الله عز وجل : " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " .