[ ص: 281 ] القول في تأويل قوله (
ولقد صدقكم الله وعده )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله تعالى ذكره : "
ولقد صدقكم الله " ، أيها المؤمنون من أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم بأحد وعده الذي وعدهم على لسان رسوله
محمد صلى الله عليه وسلم .
و"الوعد " الذي كان وعدهم على لسانه بأحد ، قوله للرماة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812048 "اثبتوا مكانكم ولا تبرحوا ، وإن رأيتمونا قد هزمناهم ، فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم " . وكان وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم النصر يومئذ إن انتهوا إلى أمره ، كالذي : -
8004 - حدثنا
محمد قال : حدثنا
أحمد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : لما برز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين
بأحد ، أمر الرماة ، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811383 "لا تبرحوا مكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم ، فإنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم ، " وأمر عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير ، أخا
خوات بن جبير . ثم إن
طلحة بن عثمان ، صاحب لواء المشركين ، قام فقال : يا معشر أصحاب
محمد ، إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة! فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة! أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟ فقام إليه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فقال : والذي نفسي بيده ، لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة! فضربه
علي فقطع رجله ، فسقط ، فانكشفت عورته ، فقال : أنشدك الله والرحم ، ابن عم! فتركه .
[ ص: 282 ] فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال
لعلي أصحابه : ما منعك أن تجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه .
ثم شد
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم ، وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهزموا
أبا سفيان . فلما رأى ذلك
خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين حمل ، فرمته الرماة ، فانقمع . فلما نظر الرماة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه ، بادروا الغنيمة ، فقال بعضهم : لا نترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم! . فانطلق عامتهم فلحقوا بالعسكر . فلما رأى
خالد قلة الرماة صاح في خيله ، ثم حمل فقتل الرماة ، ثم حمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فلما رأى المشركون أن خيلهم تقاتل ، تنادوا فشدوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم . .
8005 - حدثنا
هارون بن إسحاق قال : حدثنا
مصعب بن المقدام قال : حدثنا
إسرائيل قال : حدثنا
أبو إسحاق ، عن
البراء قال : لما كان
يوم أحد ولقينا المشركين ، أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا بإزاء الرماة ، وأمر عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير ، أخا
خوات بن جبير ، وقال لهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=810315لا تبرحوا مكانكم ، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا ، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا " . فلما التقى القوم ، هزم المشركون حتى رأيت النساء قد رفعن عن سوقهن وبدت خلاخلهن ، فجعلوا يقولون : "الغنيمة ، الغنيمة "! قال
عبد الله : مهلا! أما علمتم ما عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأبوا ، فانطلقوا ، فلما أتوهم صرف الله وجوههم ، فأصيب من المسلمين سبعون قتيلا .
[ ص: 283 ]
8006 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
البراء ، بنحوه .
8007 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " ، فإن أبا سفيان أقبل في ثلاث ليال خلون من شوال حتى نزل أحدا ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن في الناس ، فاجتمعوا ، وأمر على الخيل
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ، ومعه يومئذ
المقداد بن الأسود الكندي . وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء رجلا من
قريش يقال له :
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير . وخرج
حمزة بن عبد المطلب بالحسر ، وبعث
حمزة بين يديه . وأقبل
خالد بن الوليد على خيل المشركين ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
الزبير وقال : "استقبل
خالد بن الوليد فكن بإزائه حتى أوذنك " . وأمر بخيل أخرى ، فكانوا من جانب آخر ، فقال : "لا تبرحوا حتى أوذنكم " . وأقبل
أبو سفيان يحمل اللات والعزى ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى
الزبير أن يحمل ، فحمل على
خالد بن الوليد فهزمه ومن معه ، كما قال : "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون " ، وإن الله وعد المؤمنين أن ينصرهم وأنه معهم .
8008 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : حدثني
[ ص: 284 ] nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=17038ومحمد بن يحيى بن حبان ، nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=15722والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، وغيرهم من علمائنا - في قصة ذكرها عن
أحد - ذكر أن كلهم قد حدث ببعضها ، وأن حديثهم اجتمع فيما ساق من الحديث ، فكان فيما ذكر في ذلك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل ، فجعل ظهره وعسكره إلى
أحد ، وقال
: "لا يقاتلن أحد ، حتى نأمره بالقتال " . وقد سرحت
قريش الظهر والكراع ، في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين ، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال : أترعى زروع
بني قيلة ولما نضارب! وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل ، وتعبأت
قريش وهم ثلاثة آلاف ، ومعهم مائتا فرس قد جنبوها ، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد ، وعلى ميسرتها
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير ، أخا
بني عمرو بن عوف ، وهو يومئذ معلم بثياب بيض ، والرماة خمسون رجلا
[ ص: 285 ] وقال :
"انضح عنا الخيل بالنبل ، لا يأتونا من خلفنا! إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك ، لا نؤتين من قبلك " . فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض . واقتتلوا ، حتى حميت الحرب ، وقاتل
أبو دجانة حتى أمعن في الناس ،
nindex.php?page=showalam&ids=135وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبى طالب ، في رجال من المسلمين . فأنزل الله عز وجل نصره وصدقهم وعده ، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم ، وكانت الهزيمة لا شك فيها .
8009 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن جده قال : قال
الزبير : والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم
هند ابنة عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون إحداهن قليل ولا كثير ، إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه
[ ص: 286 ] يريدون النهب ، وخلوا ظهورنا للخيل ، فأتينا من أدبارنا . وصرخ صارخ : "ألا إن محمدا قد قتل "! فانكفأنا ، وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء ، حتى ما يدنو منه أحد من القوم .
8010 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق في قوله : "
ولقد صدقكم الله وعده " ، أي : لقد وفيت لكم بما وعدتكم من النصر على عدوكم .
8011 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، قوله : "
ولقد صدقكم الله وعده " ، وذلك يوم أحد ، قال لهم : "إنكم ستظهرون ، فلا أعرفن ما أصبتم من غنائمهم شيئا ، حتى تفرغوا "! فتركوا أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وعصوا ، ووقعوا في الغنائم ، ونسوا عهده الذي عهده إليهم ، وخالفوا إلى غير ما أمرهم به .