القول في
تأويل قوله تعالى ( أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ( 162 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :
فقال بعضهم : معنى ذلك : أفمن اتبع رضوان الله في ترك الغلول ، كمن باء بسخط من الله بغلوله ما غل؟
ذكر من قال ذلك :
8169 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
عيينة ، عن
مطرف ، عن
الضحاك في قوله : "
أفمن اتبع رضوان الله " ، قال : من لم يغل"كمن باء بسخط من الله" ، كمن غل .
8170 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
سفيان بن عيينة ، عن
مطرف بن طريف ، عن
الضحاك قوله : "
أفمن اتبع رضوان الله " ، قال : من أدى الخمس"كمن باء بسخط من الله" ، فاستوجب سخطا من الله .
وقال آخرون في ذلك بما : -
8171 - حدثني به
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق :
[ ص: 366 ] "
أفمن اتبع رضوان الله " ، على ما أحب الناس وسخطوا"كمن باء بسخط من الله" ، لرضى الناس وسخطهم؟ يقول : أفمن كان على طاعتي فثوابه الجنة ورضوان من ربه ، كمن باء بسخط من الله ، فاستوجب غضبه ، وكان مأواه جهنم وبئس المصير؟ أسواء المثلان؟ أي : فاعرفوا .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين بتأويل الآية عندي ، قول
الضحاك بن مزاحم . لأن ذلك عقيب
وعيد الله على الغلول ، ونهيه عباده عنه . ثم قال لهم بعد نهيه عن ذلك ووعيده : أسواء المطيع لله فيما أمره ونهاه ، والعاصي له في ذلك؟ أي : إنهما لا يستويان ، ولا تستوي حالتاهما عنده . لأن لمن أطاع الله فيما أمره ونهاه ، الجنة ، ولمن عصاه فيما أمره ونهاه النار .
فمعنى قوله : "
أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله " إذا : أفمن ترك الغلول وما نهاه الله عنه عن معاصيه ، وعمل بطاعة الله في تركه ذلك ، وفي غيره مما أمره به ونهاه من فرائضه ، متبعا في كل ذلك رضا الله ، ومجتنبا سخطه"كمن باء بسخط من الله" ، يعني : كمن انصرف متحملا سخط الله وغضبه ، فاستحق بذلك سكنى جهنم" يقول : ليسا سواء .
وأما قوله : "وبئس المصير" ، فإنه يعني : وبئس المصير الذي يصير إليه ويئوب إليه من باء بسخط من الله جهنم .