القول في
تأويل قوله تعالى ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )
قال
أبو جعفر : أما قوله : "
ونحن نسبح بحمدك " فإنه يعني : إنا نعظمك بالحمد لك والشكر ، كما قال جل ثناؤه : (
فسبح بحمد ربك ) [ سورة النصر : 3 ] ، وكما قال : (
والملائكة يسبحون بحمد ربهم ) [ سورة الشورى : 5 ] ، وكل ذكر لله عند العرب فتسبيح وصلاة . يقول الرجل منهم : قضيت سبحتي من الذكر والصلاة . وقد قيل : إن التسبيح صلاة الملائكة .
617 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
يعقوب القمي ، عن
جعفر بن أبي المغيرة ، عن
سعيد بن جبير ، قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فمر رجل من المسلمين على رجل من المنافقين ، فقال له : النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس! فقال له : امض إلى عملك إن كان لك عمل . فقال : ما أظن إلا سيمر عليك من ينكر عليك . فمر عليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فقال له : يا فلان ، النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس! فقال له مثلها ، فقال : هذا من عملي . فوثب عليه فضربه حتى انتهى ، ثم دخل المسجد فصلى [ ص: 473 ] مع النبي صلى الله عليه وسلم . فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه عمر فقال : يا نبي الله مررت آنفا على فلان وأنت تصلي ، فقلت له : النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنت جالس! فقال : سر إلى عملك إن كان لك عمل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فهلا ضربت عنقه . فقام عمر مسرعا . فقال : يا عمر ارجع فإن غضبك عز ورضاك حكم ، إن لله في السماوات السبع ملائكة يصلون له غنى عن صلاة فلان . فقال عمر : يا نبي الله ، وما صلاتهم ؟ فلم يرد عليه شيئا ، فأتاه جبريل فقال : يا نبي الله ، سألك عمر عن صلاة أهل السماء ؟ قال : نعم . فقال : اقرأ على عمر السلام ، وأخبره أن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون : " سبحان ذي الملك والملكوت " وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون : " سبحان ذي العزة والجبروت " وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة يقولون : " سبحان الحي الذي لا يموت "
618 - قال
أبو جعفر : وحدثني
يعقوب بن إبراهيم ،
وسهل بن موسى الرازي ، قالا حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : أخبرنا
الجريري ، عن
أبي عبد الله الجسري ، عن
عبد الله بن الصامت ، عن
أبي ذر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501547أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاده - أو أن أبا ذر عاد النبي صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت ، أي الكلام أحب إلى الله ؟ فقال : ما اصطفى الله لملائكته : " سبحان ربي وبحمده ، سبحان ربي وبحمده " [ ص: 474 ] - في أشكال لما ذكرنا من الأخبار ، كرهنا إطالة الكتاب باستقصائها .
وأصل التسبيح لله عند العرب : التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه ، والتبرئة له من ذلك ، كما قال
أعشى بني ثعلبة :
أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر
يريد : سبحان الله من فخر
علقمة ، أي تنزيها لله مما أتى
علقمة من الافتخار ، على وجه النكير منه لذلك .
وقد اختلف أهل التأويل في معنى التسبيح والتقديس في هذا الموضع ، فقال بعضهم : قولهم : "
نسبح بحمدك " : نصلي لك .
ذكر من قال ذلك :
619 - حدثني
موسى بن هارون ، قال : حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " قال : يقولون : نصلي لك .
وقال آخرون : "
نسبح بحمدك " التسبيح المعلوم .
ذكر من قال ذلك :
620 - حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : "
ونحن نسبح بحمدك " قال : التسبيح التسبيح .