[ ص: 486 ] القول في تأويل قوله (
فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : فأجاب هؤلاء الداعين بما وصف من أدعيتهم أنهم دعوا به ربهم ، بأني لا أضيع عمل عامل منكم عمل خيرا ، ذكرا كان العامل أو أنثى .
وذكر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء في الهجرة"؟ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك هذه الآية .
8367 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
مؤمل قال : حدثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811394قالت أم سلمة : يا رسول الله ، تذكر الرجال في الهجرة ولا نذكر؟ فنزلت : " أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " ، الآية .
[ ص: 487 ]
8368 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
ابن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار قال : سمعت رجلا من ولد
أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811395قالت أم سلمة : يا رسول الله ، لا أسمع الله يذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله تبارك وتعالى : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى " .
8369 - حدثنا
الربيع بن سليمان قال : حدثنا
أسد بن موسى قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن رجل من ولد
أم سلمة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=811396عن أم سلمة : أنها [ ص: 488 ] قالت : يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء؟ فأنزل الله تعالى : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض " .
وقيل : "
فاستجاب لهم " بمعنى : فأجابهم ، كما قال الشاعر :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى؟ فلم يستجبه عند ذاك مجيب
بمعنى : فلم يجبه عند ذاك مجيب .
[ ص: 489 ]
وأدخلت"من" في قوله : "
من ذكر أو أنثى " على الترجمة والتفسير عن قوله : "منكم" ، بمعنى : "
لا أضيع عمل عامل منكم " ، من الذكور والإناث . وليست"من" هذه بالتي يجوز إسقاطها وحذفها من الكلام في الجحد ، لأنها دخلت بمعنى لا يصلح الكلام إلا به .
وزعم بعض نحويي
البصرة أنها دخلت في هذا الموضع كما تدخل في قولهم : "قد كان من حديث" ، قال : و"من" هاهنا أحسن ، لأن النهي قد دخل في قوله : "لا أضيع" .
وأنكر ذلك بعض نحويي
الكوفة وقال : لا تدخل"من" وتخرج إلا في موضع الجحد . وقال : قوله : "
لا أضيع عمل عامل منكم " ، لم يدركه الجحد ، لأنك لا تقول : "لا أضرب غلام رجل في الدار ولا في البيت" ، فتدخل ، "ولا" ، لأنه لم ينله الجحد ، ولكن"من" مفسرة .
وأما قوله : "
بعضكم من بعض " ، فإنه يعني : بعضكم أيها المؤمنون الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم من بعض ، في النصرة والملة والدين ، وحكم جميعكم فيما أنا بكم فاعل ، على حكم أحدكم في أني لا أضيع عمل ذكر منكم ولا أنثى .