[ ص: 555 ] القول في
تأويل قوله ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ( 4 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فإن وهب لكم ، أيها الرجال ، نساؤكم شيئا من صدقاتهن ، طيبة بذلك أنفسهن ، فكلوه هنيئا مريئا ، كما : -
8512 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
بشر بن المفضل قال : حدثنا
عمارة ، عن
عكرمة : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : المهر .
8513 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثني
حرمي بن عمارة قال : حدثنا
شعبة ، عن
عمارة ، عن
عكرمة ، [ عن
عمارة ] في قول الله تبارك وتعالى : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : الصدقات .
8514 - حدثني
المثنى قال : حدثني
الحماني قال : حدثنا
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " قال : الأزواج .
8515 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم ، عن
عبيدة قال : قال لي
إبراهيم : أكلت من الهنيء المريء! قلت : ما ذاك؟ قال : امرأتك أعطتك من صداقها .
8516 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
إبراهيم قال : دخل رجل على
علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه ، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره ، فقال له
علقمة : ادن فكل من الهنيء المريء!
[ ص: 556 ]
8517 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " ، يقول : إذا كان غير إضرار ولا خديعة ، فهو هنيء مريء ، كما قال الله جل ثناؤه .
8518 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : الصداق ، "فكلوه هنيئا مريئا" .
8519 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : سمعت
ابن زيد يقول في قوله : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " بعد أن توجبوه لهن وتحلوه ، "فكلوه هنيئا مريئا" . .
8520 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا
المعتمر ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أن أناسا كانوا يتأثمون أن يراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته ، فقال الله تبارك وتعالى : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " .
8521 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " ، يقول : ما طابت به نفسا في غير كره أو هوان ، فقد أحل الله لك ذلك أن تأكله هنيئا مريئا .
وقال آخرون : بل عنى بهذا القول أولياء النساء ، فقيل لهم : إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن ، بصدقاتهن نفسا ، فكلوه هنيئا مريئا .
ذكر من قال ذلك :
8522 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
هشيم قال : حدثنا
سيار ، عن
أبي صالح في قوله : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، قال : كان الرجل
[ ص: 557 ] إذا زوج ابنته ، عمد إلى صداقها فأخذه ، قال : فنزلت هذه الآية في الأولياء : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " .
قال
أبو جعفر وأولى التأويلين في ذلك بالصواب ، التأويل الذي قلنا وأن الآية مخاطب بها الأزواج . لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم ، وقوله : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " في سياقه .
وإن قال قائل : فكيف قيل : "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " ، وقد علمت أن معنى الكلام : فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وحدت"النفس" ، والمعنى للجميع؟ وذلك أنه تعالى ذكره قال : "
وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " .
قيل : أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس ، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب . من كلامها المعروف : "ضقت بهذا الأمر ذراعا وذرعا""وقررت بهذا الأمر عينا" ، والمعنى! ضاق به ذرعي ، وقرت به عيني ، كما قال الشاعر :
إذا التياز ذو العضلات قلنا : إليك ، إليك"! ضاق بها ذراعا
[ ص: 558 ]
فنقل صفة"الذراع" إلى"رب الذراع" ، ثم أخرج"الذراع" مفسرة لموقع الفعل .
وكذلك وحد"النفس" في قوله :
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا إذ كانت"النفس" مفسرة لموقع الخبر .
وأما توحيد"النفس" من النفوس ، لأنه إنما أراد"الهوى" ، و"الهوى" يكون جماعة ، كما قال الشاعر :
بها جيف الحسرى ، فأما عظامها فبيض ، وأما جلدها فصليب
وكما قال الآخر :
في حلقكم عظم وقد شجينا
[ ص: 559 ]
وقال بعض نحويي الكوفة : جائز في"النفس" في هذا الموضع الجمع والتوحيد ، "
فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا " و"أنفسا" ، و"ضقت به ذراعا" و"ذرعا" و"أذرعا" ، لأنه منسوب إليك وإلى من تخبر عنه ، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك ، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع ، لأن قبله جمعا .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن"النفس" وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد ، مؤدية معناه إذا ذكر بلفظ الواحد ، وأنه بمعنى الجمع عن الجميع .
وأما قوله : "هنيئا" ، فإنه مأخوذ من : "هنأت البعير بالقطران" ، إذا جرب فعولج به ، كما قال الشاعر :
متبذلا تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع النقب
[ ص: 560 ]
فكأن معنى قوله : "فكلوه هنيئا مريئا" ، فكلوه دواء شافيا .
يقال منه : "هنأني الطعام ومرأني" ، أي صار لي دواء وعلاجا شافيا ، "وهنئني ومرئني" بالكسر ، وهي قليلة . والذين يقولون هذا القول ، يقولون : "يهنأني ويمرأني" ، والذين يقولون : "هنأني" يقولون : "يهنيني ويمريني" . فإذا أفردوا قالوا : "قد أمرأني هذا الطعام إمراء" . ويقال : "هنأت القوم" إذا علتهم ، سمع من العرب من يقول : "إنما سميت هانئا لتهنأ" ، بمعنى : لتعول وتكفي .