القول في
تأويل قوله تعالى : ( قال إني أعلم ما لا تعلمون ( 30 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : يعني بقوله : "
أعلم ما لا تعلمون " مما اطلع عليه من إبليس ، وإضماره المعصية لله وإخفائه الكبر ، مما اطلع عليه تبارك وتعالى منه وخفي على ملائكته .
ذكر من قال ذلك :
626 - حدثنا
محمد بن العلاء ، قال : حدثنا
عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس : "
إني أعلم ما لا تعلمون "
[ ص: 477 ] ، يقول : إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره .
627 - وحدثني
موسى ، قال : حدثنا
عمرو ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في خبر ذكره ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
ابن عباس ، وعن
مرة ، عن
ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "
إني أعلم ما لا تعلمون " يعني من شأن إبليس .
628 - وحدثنا
أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا
أبو أحمد - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثنا
مؤمل - قالا جميعا : حدثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها .
629 - وحدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا
محمد بن بشر ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
علي بن بذيمة ، عن
مجاهد ، بمثله .
630 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن يمان ، عن
سفيان ، عن
علي بن بذيمة ، عن
مجاهد مثله .
631 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها .
[ ص: 478 ]
632 - وحدثني
جعفر بن محمد البزوري ، قال : حدثنا
حسن بن بشر ، عن
حمزة الزيات ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال :
علم من إبليس كتمانه الكبر أن لا يسجد لآدم .
633 - وحدثني
محمد بن عمرو ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، قال : حدثنا
عيسى بن ميمون ، قال : - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
أبو حذيفة ، قال : حدثنا
شبل - جميعا عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قول الله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية .
634 - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن رجل ، عن
مجاهد ، مثله .
635 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
سويد ، قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
سفيان ، قال : قال
مجاهد في قوله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها .
وقال مرة
آدم .
636 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
حجاج بن المنهال ، قال : حدثنا
المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
عبد الوهاب بن مجاهد يحدث عن أبيه في قوله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها ، وعلم من آدم الطاعة وخلقه لها .
[ ص: 479 ]
637 - وحدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
ابن طاوس ، عن أبيه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، عن
علي بن بذيمة ، عن
مجاهد في قوله : "
إني أعلم ما لا تعلمون " قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها .
638 - وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
إني أعلم ما لا تعلمون " أي فيكم ومنكم ، ولم يبدها لهم ، من المعصية والفساد وسفك الدماء .
وقال آخرون : معنى ذلك : إني أعلم ما لا تعلمون من أنه يكون من ذلك الخليفة أهل الطاعة والولاية لله .
ذكر من قال ذلك :
639 - حدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : "
إني أعلم ما لا تعلمون " فكان في علم الله أنه سيكون من ذلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة .
وهذا الخبر من الله جل ثناؤه ينبئ عن أن الملائكة التي قالت : "
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " استفظعت أن يكون لله خلق يعصيه ، وعجبت منه إذ أخبرت أن ذلك كائن . فلذلك قال لهم ربهم : "
إني أعلم ما لا تعلمون " يعني بذلك ، والله أعلم : إنكم لتعجبون من أمر الله وتستفظعونه ، وأنا أعلم أنه في بعضكم ، وتصفون أنفسكم بصفة أعلم خلافها من بعضكم ، وتعرضون بأمر قد جعلته لغيركم . وذلك أن الملائكة لما أخبرها ربها بما هو كائن من ذرية خليفته ، من الفساد وسفك الدماء ، قالت لربها : يا رب أجاعل أنت في الأرض خليفة من غيرنا ، يكون من ذريته من يعصيك ، أم منا ، فإنا نعظمك
[ ص: 480 ] ونصلي لك ونطيعك ولا نعصيك ؟ ولم يكن عندها علم بما قد انطوى عليه كشحا إبليس من استكباره على ربه ، فقال لهم ربهم : إني أعلم غير الذي تقولون من بعضكم . وذلك هو ما كان مستورا عنهم من أمر إبليس ، وانطوائه على ما قد كان انطوى عليه من الكبر . وعلى قيلهم ذلك ، ووصفهم أنفسهم بالعموم من الوصف عوتبوا .