القول في
تأويل قوله ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ( 10 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - :
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ، يقول : بغير حق ،
إنما يأكلون في بطونهم نارا يوم القيامة ، بأكلهم أموال اليتامى ظلما في الدنيا ، نار جهنم " وسيصلون " بأكلهم " سعيرا " كما :
8722 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا قال : إذا قام
الرجل يأكل مال اليتيم ظلما ، يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه ، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم .
[ ص: 27 ] 8723 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر قال : أخبرني
أبو هارون العبدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال :
حدثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة أسري به قال : نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار يخرج من أسافلهم ، قلت : يا جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " . .
8724 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله :
إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قال : قال أبي : إن هذه لأهل الشرك ، حين كانوا لا يورثونهم ، ويأكلون أموالهم .
وأما قوله :
وسيصلون سعيرا ، فإنه مأخوذ من " الصلا " و " الصلا " الاصطلاء بالنار ، وذلك التسخن بها ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
وقاتل كلب الحي عن نار أهله ليربض فيها والصلا متكنف
[ ص: 28 ] وكما قال
العجاج :
وصاليات للصلا صلي
ثم استعمل ذلك في كل من باشر بيده أمرا من الأمور ، من حرب أو قتال أو خصومة أو غير ذلك ، كما قال الشاعر :
[ ص: 29 ] لم أكن من جناتها علم الل ه وإني بحرها اليوم صالي
فجعل ما باشر من شدة الحرب وأذى القتال ، بمنزلة مباشرة أذى النار وحرها .
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة
المدينة والعراق : (
وسيصلون سعيرا ) بفتح " الياء " على التأويل الذي قلناه .
وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض الكوفيين : " وسيصلون " بضم " الياء " بمعنى : يحرقون .
من قولهم : " شاة مصلية " يعني : مشوية .
قال
أبو جعفر : والفتح بذلك أولى من الضم ، لإجماع جميع القرأة على فتح " الياء " في قوله : (
لا يصلاها إلا الأشقى ) [ سورة الليل : 15 ] ، ولدلالة قوله : (
إلا من هو صالي الجحيم ) [ سورة الصافات : 163 ] ، على أن الفتح بها أولى من الضم .
[ ص: 30 ] وأما " السعير " : فإنه شدة حر جهنم ، ومنه قيل : " استعرت الحرب " إذا اشتدت ، وإنما هو " مسعور " ثم صرف إلى " سعير " كما قيل : " كف خضيب " و " لحية دهين " وإنما هي " مخضوبة " صرفت إلى " فعيل " .
فتأويل الكلام إذا : وسيصلون نارا مسعرة ، أي : موقودة مشعلة شديدا حرها .
وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لأن الله - جل ثناؤه - قال : (
وإذا الجحيم سعرت ) ، [ سورة التكوير : 12 ] ، فوصفها بأنها مسعورة .
ثم أخبر - جل ثناؤه - أن أكلة أموال اليتامى يصلونها وهي كذلك . ف " السعير " إذا في هذا الموضع ، صفة للجحيم على ما وصفنا .