القول في تأويل قوله تعالى (
فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله :
فإن لم يكن له ، فإن لم يكن للميت " ولد " ذكر ولا أنثى
وورثه أبواه ، دون غيرهما من ولد وارث
فلأمه الثلث ، يقول : فلأمه من تركته وما خلف بعده - ثلث جميع ذلك .
فإن قال قائل : فمن الذي له الثلثان الآخران .
قيل له : الأب .
فإن قال : بماذا ؟
[ ص: 38 ] قلت : بأنه أقرب أهل الميت إليه ، ولذلك ترك ذكر تسمية من له الثلثان الباقيان ، إذ كان قد بين على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعباده أن كل ميت فأقرب عصبته به أولى بميراثه ، بعد إعطاء ذوي السهام المفروضة سهامهم من ميراثه .
وهذه العلة ، هي العلة التي من أجلها سمي للأم ما سمي لها ، إذا
لم يكن الميت خلف وارثا غير أبويه ، لأن الأم ليست بعصبة في حال للميت . فبين الله - جل ثناؤه - لعباده ما فرض لها من ميراث ولدها الميت ، وترك ذكر من له الثلثان الباقيان منه معه ، إذ كان قد عرفهم في جملة بيانه لهم من له بقايا تركة الأموال بعد أخذ أهل السهام سهامهم وفرائضهم ، وكان بيانه ذلك ، مغنيا لهم على تكرير حكمه مع كل من قسم له حقا من ميراث ميت ، وسمى له منه سهما .