القول في تأويل قوله (
فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ( 17 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فأولئك " فهؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب
يتوب الله عليهم ، دون من لم يتب حتى غلب على عقله ، وغمرته حشرجة ميتته ، فقال وهو لا يفقه ما يقول : " إني تبت الآن " خداعا لربه ، ونفاقا في دينه .
[ ص: 98 ] ومعنى قوله :
يتوب الله عليهم ، يرزقهم إنابة إلى طاعته ، ويتقبل منهم أوبتهم إليه وتوبتهم التي أحدثوها من ذنوبهم .
وأما قوله : "
وكان الله عليما حكيما " فإنه يعني : ولم يزل الله - جل ثناؤه - " عليما " بالناس من عباده المنيبين إليه بالطاعة ، بعد إدبارهم عنه ، المقبلين إليه بعد التولية ، وبغير ذلك من أمور خلقه " حكيما " في توبته على من تاب منهم من معصيته ، وفي غير ذلك من تدبيره وتقديره ، ولا يدخل أفعاله خلل ، ولا يخالطه خطأ ولا زلل .