القول في تأويل قوله (
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة )
قال
أبو جعفر : يعني تبارك وتعالى بقوله : "
يا أيها الذين آمنوا " يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، يقول : لا يحل
[ ص: 104 ] لكم أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم وآبائكم كرها .
فإن قال قائل : كيف كانوا يرثونهن ؟ وما وجه تحريم وراثتهن ؟ فقد علمت أن النساء مورثات كما الرجال مورثون !
قيل : إن ذلك ليس من معنى وراثتهن إذا هن متن فتركن مالا وإنما ذلك أنهن في الجاهلية كانت إحداهن إذا مات زوجها ، كان ابنه أو قريبه أولى بها من غيره ، ومنها بنفسها ، إن شاء نكحها ، وإن شاء عضلها فمنعها من غيره ولم يزوجها حتى تموت . فحرم الله تعالى ذلك على عباده ، وحظر عليهم نكاح حلائل آبائهم ، ونهاهم عن عضلهن عن النكاح .
وبنحو القول الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
8869 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
أسباط بن محمد قال : حدثنا
أبو إسحاق يعني : الشيباني ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، قال : كانوا إذا مات الرجل ، كان أولياؤه أحق بامرأته ، إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها ، وهم أحق بها من أهلها ، فنزلت هذه الآية في ذلك .
[ ص: 105 ] 8870 - وحدثني
أحمد بن محمد الطوسي قال : حدثنا
عبد الرحمن بن صالح قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل ، عن
يحيى بن سعيد ، عن
محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501801لما توفي أبو قيس بن الأسلت ، أراد ابنه أن يتزوج امرأته ، وكان ذلك لهم في الجاهلية ، فأنزل الله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
8871 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، عن
الحسين بن واقد ، عن
يزيد النحوي ، عن
عكرمة والحسن البصري قالا : في قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها ، فأحكم الله عن ذلك يعني أن الله نهاكم عن ذلك .
[ ص: 106 ] 8872 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
سليمان التيمي ، عن
أبي مجلز في قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، قال : كانت الأنصار تفعل ذلك . كان الرجل إذا مات حميمه ، ورث حميمه امرأته ، فيكون أولى بها من ولي نفسها .
8873 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني ، عن
ابن عباس في قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية ، قال : كان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه ، فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها ، أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها ، أو تموت فيذهب بمالها قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، فأخبرني
عطاء بن أبي رباح : أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم ، فنزلت :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقال
مجاهد : كان الرجل إذا توفي أبوه ، كان أحق بامرأته ، ينكحها إن شاء إذا لم يكن ابنها ، أو ينكحها إن شاء أخاه أو ابن أخيه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقال
عكرمة نزلت في
كبيشة بنت معن بن عاصم ، من
الأوس ، توفي عنها
أبو قيس بن الأسلت ، فجنح عليها ابنه ، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا نبي الله ، لا أنا ورثت زوجي ، ولا أنا تركت فأنكح ! فنزلت هذه الآية .
[ ص: 107 ] 8874 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، قال : كان إذا توفي الرجل ، كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته ، ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها ، أو ينكحها من شاء ، أخاه أو ابن أخيه .
8875 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، مثل قول
مجاهد .
8876 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار يقول مثل ذلك .
8877 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أما قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، فإن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه ، فإذا مات وترك امرأته ، فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه ، فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه ، أو ينكحها فيأخذ مهرها . وإن سبقته فذهبت إلى أهلها ، فهم أحق بنفسها .
8878 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد بن سليمان الباهلي قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، كانوا بالمدينة إذا مات حميم الرجل وترك امرأة ، ألقى الرجل عليها ثوبه ، فورث نكاحها ، وكان أحق بها . وكان ذلك عندهم نكاحا . فإن
[ ص: 108 ] شاء أمسكها حتى تفتدي منه . وكان هذا في الشرك .
8879 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، قال : كانت الوراثة في أهل يثرب
بالمدينة هاهنا . فكان الرجل يموت فيرث ابنه امرأة أبيه كما يرث أمه ، لا تستطيع أن تمتنع ، فإن أحب أن يتخذها اتخذها كما كان أبوه يتخذها ، وإن كره فارقها ، وإن كان صغيرا حبست عليه حتى يكبر ، فإن شاء أصابها ، وإن شاء فارقها . فذلك قول الله تبارك وتعالى :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
8880 - حدثنا
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس في قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، وذلك أن رجالا من أهل
المدينة كان إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته ، فورث نكاحها ، فلم ينكحها أحد غيره ، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفدية ، فأنزل الله عز وجل :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
8881 - حدثني
ابن وكيع قال : حدثني أبي قال : حدثنا
سفيان ، عن
علي بن بذيمة ، عن
مقسم قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها فجاء رجل فألقى عليها ثوبه ، كان أحق الناس بها . قال : فنزلت هذه الآية :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها " .
قال
أبو جعفر : فتأويل الآية على هذا التأويل : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا آباءكم وأقاربكم نكاح نسائهم كرها فترك ذكر " الآباء " و " الأقارب " و " النكاح " ووجه الكلام إلى النهي عن وراثة النساء ، اكتفاء بمعرفة المخاطبين بمعنى
[ ص: 109 ] الكلام ، إذ كان مفهوما معناه عندهم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يحل لكم ، أيها الناس ، أن ترثوا النساء تركاتهن كرها . قال : وإنما قيل ذلك كذلك ، لأنهم كانوا يعضلون أياماهن ، وهن كارهات للعضل ، حتى يمتن ، فيرثوهن أموالهن .
ذكر من قال ذلك :
8882 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله :
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، قال : كان الرجل إذا مات وترك جارية ، ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس . فإن كانت جميلة تزوجها ، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها .
8883 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري في قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، قال : نزلت في ناس من
الأنصار ، كانوا إذا مات الرجل منهم ، فأملك الناس بامرأته وليه ، فيمسكها حتى تموت فيرثها ، فنزلت فيهم .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين بتأويل الآية ، القول الذي ذكرناه عمن قال : معناه : " لا يحل لكم أن ترثوا نساء أقاربكم " لأن الله - جل ثناؤه - قد بين مواريث أهل المواريث ، فذلك لأهله ، كره وراثتهم إياه - الموروث ذلك عنه من الرجال أو النساء ، أو رضي .
[ ص: 110 ] فقد علم بذلك أنه - جل ثناؤه - لم يحظر على عباده أن يرثوا النساء فيما جعله لهم ميراثا عنهن ، وأنه إنما حظر أن يكرهن موروثات ، بمعنى حظر وراثة نكاحهن ، إذا كان ميتهم الذي ورثوه قد كان مالكا عليهن أمرهن في النكاح ملك الرجل منفعة ما استأجر من الدور والأرضين وسائر ما له منافع .
فأبان الله - جل ثناؤه - لعباده : أن الذي يملكه الرجل منهم من بضع زوجه ، معناه غير معنى ما يملك أحدهم من منافع سائر المملوكات التي تجوز إجارتها . فإن المالك بضع زوجته إذا هو مات ، لم يكن ما كان له ملكا من زوجته بالنكاح لورثته بعده ، كما لهم من الأشياء التي كان يملكها بشراء أو هبة أو إجارة بعد موته ، بميراثهم ذلك عنه .
وأما قوله تعالى :
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله .
فقال بعضهم : تأويله :
ولا تعضلوهن : أي ولا تحبسوا ، يا معشر ورثة من مات من الرجال - أزواجهم عن نكاح من أردن نكاحه من الرجال ، كيما يمتن فتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، أي : فتأخذوا من أموالهن إذا متن ،
[ ص: 111 ] ما كان موتاكم الذين ورثتموهم ساقوا إليهن من صدقاتهن .
وممن قال ذلك جماعة قد ذكرنا بعضهم ، منهم
ابن عباس والحسن البصري وعكرمة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا تعضلوا ، أيها الناس ، نساءكم فتحبسوهن ضرارا ، ولا حاجة لكم إليهن ، فتضروا بهن ليفتدين منكم بما آتيتموهن من صدقاتهن .
ذكر من قال ذلك :
8884 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله :
ولا تعضلوهن ، يقول : لا تقهروهن
لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، يعني : الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر ، فيضر بها لتفتدي .
8885 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله :
ولا تعضلوهن ، يقول : لا يحل لك أن تحبس امرأتك ضرارا حتى تفتدي منك قال وأخبرنا
معمر قال : وأخبرني
سماك بن الفضل ، عن ابن البيلماني قال : نزلت هاتان الآيتان ،
[ ص: 112 ] إحداهما في أمر الجاهلية ، والأخرى في أمر الإسلام .
8886 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
معمر قال : أخبرنا
سماك بن الفضل ، عن
عبد الرحمن بن البيلماني في قوله :
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن ، قال : نزلت هاتان الآيتان : إحداهما في الجاهلية ، والأخرى في أمر الإسلام ، قال عبد الله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء في الجاهلية ، ولا تعضلوهن في الإسلام .
8887 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
الحماني قال : حدثنا
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد :
ولا تعضلوهن ، قال : لا تحبسوهن .
8888 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، أما " تعضلوهن " فيقول : تضاروهن ليفتدين منكم .
8889 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله :
ولا تعضلوهن ، قال : " العضل " أن يكره الرجل امرأته فيضر بها حتى تفتدي منه ، قال الله تبارك وتعالى : (
وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) [ سورة النساء : 21 ] .
وقال آخرون : المعني بالنهي عن عضل النساء في هذه الآية : أولياؤهن .
ذكر من قال ذلك :
8890 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله :
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن أن ينكحن أزواجهن " كالعضل في " سورة البقرة " .
[ ص: 113 ] 8891 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
وقال آخرون : بل المنهي عن ذلك : زوج المرأة بعد فراقه إياها . وقالوا : ذلك كان من فعل الجاهلية ، فنهوا عنه في الإسلام .
ذكر من قال ذلك :
8892 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : كان
العضل في قريش بمكة ، ينكح الرجل المرأة الشريفة فلعلها أن لا توافقه ، فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه ، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد ، فإذا خطبها خاطب ، فإن أعطته وأرضته أذن لها ، وإلا عضلها ، قال : فهذا قول الله :
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن الآية .
قال
أبو جعفر : قد بينا فيما مضى معنى " العضل " وما أصله ، بشواهد ذلك من الأدلة .
وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصحة في تأويل قوله :
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ، قول من قال : نهى الله - جل ثناؤه - زوج المرأة عن التضييق عليها والإضرار بها ، وهو لصحبتها كاره ولفراقها محب ، لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصداق .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة ، لأنه لا سبيل لأحد إلى عضل امرأة ، إلا لأحد رجلين : إما لزوجها بالتضييق عليها وحبسها على نفسه وهو لها كاره ، مضارة منه لها بذلك ، ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك أو لوليها الذي إليه إنكاحها .
[ ص: 114 ] وإذا كان لا سبيل إلى عضلها لأحد غيرهما ، وكان الولي معلوما أنه ليس ممن أتاها شيئا فيقال إن عضلها عن النكاح : " عضلها ليذهب ببعض ما آتاها " كان معلوما أن الذي عنى الله تبارك وتعالى بنهيه عن عضلها - هو زوجها الذي له السبيل إلى عضلها ضرارا لتفتدي منه .
وإذا صح ذلك ، وكان معلوما أن الله تعالى ذكره لم يجعل لأحد السبيل على زوجته بعد فراقه إياها وبينونتها منه ، فيكون له إلى عضلها سبيل لتفتدي منه من عضله إياها ، أتت بفاحشة أم لم تأت بها ، وكان الله - جل ثناؤه - قد أباح للأزواج عضلهن إذا أتين بفاحشة مبينة حتى يفتدين منه كان بينا بذلك خطأ التأويل الذي تأوله
ابن زيد ، وتأويل من قال : " عنى بالنهي عن العضل في هذه الآية أولياء الأيامى " - وصحة ما قلنا فيه .
قوله :
ولا تعضلوهن ، في موضع نصب ، عطفا على قوله :
أن ترثوا النساء كرها . ومعناه : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ، ولا أن تعضلوهن .
وكذلك هي فيما ذكر في حرف
ابن مسعود .
ولو قيل : هو في موضع جزم على وجه النهي ، لم يكن خطأ .