القول في
تأويل قوله ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معنى ذلك : وأحل لكم ما دون الخمس ، أن تبتغوا بأموالكم على وجه النكاح .
ذكر من قال ذلك :
9021 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
وأحل لكم ما وراء ذلكم ، ما دون الأربع " أن تبتغوا أموالكم " .
9022 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
هشام ، [ ص: 172 ] عن
ابن سيرين ، عن
عبيدة السلماني :
وأحل لكم ما وراء ذلكم ، يعني : ما دون الأربع .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وأحل لكم ما وراء ذلكم : من سمى لكم تحريمه من أقاربكم .
ذكر من قال ذلك :
9023 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : سألت
عطاء عنها فقال :
وأحل لكم ما وراء ذلكم ، قال : ما وراء ذات القرابة
أن تبتغوا بأموالكم ، الآية .
وقال آخرون : بل معنى ذلك :
وأحل لكم ما وراء ذلكم : عدد ما أحل لكم من المحصنات من النساء الحرائر ومن الإماء .
ذكر من قال ذلك :
9024 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الأعلى قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله :
وأحل لكم ما وراء ذلكم ، قال : ما ملكت أيمانكم .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، ما نحن مبينوه . وهو أن الله - جل ثناؤه - بين لعباده
المحرمات بالنسب والصهر ، ثم المحرمات من المحصنات من النساء ، ثم أخبرهم - جل ثناؤه - أنه قد أحل لهم ما عدا هؤلاء المحرمات المبينات في هاتين الآيتين ، أن نبتغيه بأموالنا نكاحا وملك يمين ، لا سفاحا .
فإن قال قائل : عرفنا المحللات اللواتي هن وراء المحرمات بالأنساب والأصهار ، فما المحللات من المحصنات والمحرمات منهن ؟
قيل : هو ما دون الخمس من واحدة إلى أربع - على ما ذكرنا عن
عبيدة [ ص: 173 ] nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي - من الحرائر . فأما ما عدا ذوات الأزواج ، فغير عدد محصور بملك اليمين . وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لأن قوله :
وأحل لكم ما وراء ذلكم - عام في كل محلل لنا من النساء أن نبتغيها بأموالنا . فليس توجيه معنى ذلك إلى بعض منهن بأولى من بعض ، إلا أن تقوم بأن ذلك كذلك حجة يجب التسليم لها . ولا حجة بأن ذلك كذلك .
واختلف القرأة في قراءة قوله :
وأحل لكم ما وراء ذلكم .
فقرأ ذلك بعضهم : " وأحل لكم " بفتح " الألف " من " أحل " بمعنى : كتب الله عليكم ، وأحل لكم ما وراء ذلكم .
وقرأه آخرون : (
وأحل لكم ما وراء ذلكم ) ، اعتبارا بقوله : (
حرمت عليكم أمهاتكم ) ، " وأحل لكم ما وراء ذلكم " .
قال
أبو جعفر : والذي نقول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة الإسلام ، غير مختلفتي المعنى ، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب الحق .
وأما معنى قوله :
ما وراء ذلكم ، فإنه يعني : ما عدا هؤلاء اللواتي حرمتهن عليكم
أن تبتغوا بأموالكم يقول : أن تطلبوا وتلتمسوا بأموالكم ، إما شراء بها ، وإما نكاحا بصداق معلوم ، كما قال - جل ثناؤه - : (
ويكفرون بما وراءه ) [ سورة البقرة : 91 ] ، يعني : بما عداه وبما سواه .
[ ص: 174 ] وأما موضع : " أن " من قوله :
أن تبتغوا بأموالكم فرفع ، ترجمة عن " ما " التي في قوله :
وأحل لكم ما وراء ذلكم في قراءة من قرأ " وأحل " بضم " الألف " . ونصب على ذلك في قراءة من قرأ ذلك : " وأحل " بفتح " الألف " .
وقد يحتمل النصب في ذلك في القراءتين ، على معنى : وأحل لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا . فلما حذفت " اللام " الخافضة ، اتصلت بالفعل قبلها فنصبت . وقد يحتمل أن تكون في موضع خفض ، بهذا المعنى ، إذ كانت " اللام " في هذا الموضع معلوما أن بالكلام إليها الحاجة .