1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النساء
  4. القول في تأويل قوله تعالى والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "
صفحة جزء
[ ص: 356 ] القول في تأويل قوله ( والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وأعتدنا للكافرين بالله من اليهود الذين وصف الله صفتهم عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس . "

والذين في موضع خفض عطفا على الكافرين .

وقوله رئاء الناس يعني ينفقه مراءاة الناس في غير طاعة الله أو غير سبيله ولكن في سبيل الشيطان ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يقول ولا يصدقون بوحدانية الله ، ولا بالمعاد إليه يوم القيامة - الذي فيه جزاء الأعمال - أنه كائن .

وقد قال مجاهد إن هذا من صفة اليهود . وهو بصفة أهل النفاق الذين كانوا أهل شرك فأظهروا الإسلام تقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به وهم على كفرهم مقيمون أشبه منه بصفة اليهود ؛ لأن اليهود كانت توحد الله وتصدق بالبعث والمعاد وإنما كان كفرها تكذيبها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 357 ]

وبعد ففي فصل الله بين صفة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وصفة الفريق الآخر الذين وصفهم في الآية قبلها وأخبر أن لهم عذابا مهينا ب " الواو الفاصلة بينهم ما ينبئ عن أنهما صفتان من نوعين من الناس مختلفي المعاني وإن كان جميعهم أهل كفر بالله ولو كانت الصفتان كلتاهما صفة نوع من الناس لقيل إن شاء الله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولكن فصل بينهم ب الواو لما وصفنا .

فإن ظن ظان أن دخول الواو غير مستنكر في عطف صفة على صفة لموصوف واحد في كلام العرب فإن ذلك وإن كان كذلك - فإن الأفصح في كلام العرب إذا أريد ذلك ترك إدخال الواو وإذا أريد بالثاني وصف آخر غير الأول ، إدخال الواو وتوجيه كلام الله إلى الأفصح الأشهر من كلام من نزل بلسانه كتابه أولى بنا من توجيهه إلى الأنكر من كلامهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية