القول في
تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه :
يا أيها الذين آمنوا : صدقوا الله ورسوله لا تقربوا الصلاة لا تصلوا وأنتم سكارى وهو جمع سكران حتى تعلموا ما تقولون في صلاتكم فتميزون فيها ما أمركم الله به أو ندبكم إلى قيله فيها مما نهاكم عنه وزجركم .
ثم اختلف أهل التأويل في السكر الذي عناه الله بقوله
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "
فقال بعضهم عنى بذلك
السكر من الشراب [ ص: 376 ]
ذكر من قال ذلك
9524 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال حدثنا
عبد الرحمن قال حدثنا
سفيان عن
عطاء بن السائب عن
أبي عبد الرحمن عن
علي : أنه كان هو
وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر فصلى بهم
عبد الرحمن فقرأ : (
قل يا أيها الكافرون ) فخلط فيها فنزلت
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
9525 - حدثني
المثنى قال حدثنا
الحجاج بن المنهال قال حدثنا
حماد عن
عطاء بن السائب عن
عبد الله بن حبيب : أن
عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأكلوا وشربوا حتى ثملوا فقدموا
عليا يصلي بهم المغرب ، فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد وأنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "
9526 - حدثني
محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن
ابن عباس :
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى : قبل أن تحرم الخمر فقال الله
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " الآية
9527 - حدثنا
ابن حميد قال حدثنا
جرير عن
مغيرة عن
أبي رزين في قوله
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال نزل هذا وهم يشربون الخمر فقال وكان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر
9528 حدثنا
ابن حميد قال حدثنا
جرير عن
مغيرة عن
أبي رزين قال كانوا يشربون بعدما أنزلت التي في البقرة وبعد التي في النساء
[ ص: 377 ] فلما أنزلت التي في المائدة تركوها
9529 حدثني
محمد بن عمرو قال حدثنا
أبو عاصم عن
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله
وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون قال نهوا أن يصلوا وهم سكارى ثم نسخها تحريم الخمر
9530 حدثني
المثنى قال حدثنا
أبو حذيفة قال حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد مثله
9531 حدثنا
الحسن بن يحيى قال أخبرنا
عبد الرزاق قال أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال كانوا يجتنبون السكر عند حضور الصلوات ثم نسخ بتحريم الخمر
9532 حدثنا
ابن حميد قال حدثنا
جرير عن
مغيرة عن
أبي وائل وأبي رزين وإبراهيم في قوله
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " و (
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) [ سورة البقرة 90 ] وقوله : (
تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ سورة النحل 67 ] قالوا كان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر .
وقال آخرون معنى ذلك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى من النوم
ذكر من قال ذلك
9533 - حدثنا
ابن وكيع قال حدثنا أبي عن
سلمة بن نبيط عن
الضحاك :
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال ليست لمن يقربها سكران من الشراب إنما عني بها سكر النوم .
[ ص: 378 ]
9534 - حدثنا
أحمد بن حازم الغفاري قال حدثنا
أبو نعيم قال حدثنا
سلمة عن
الضحاك :
يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال لم يعن بها سكر الخمر وإنما عنى بها سكر النوم .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية تأويل من قال ذلك نهي من الله المؤمنين عن أن يقربوا الصلاة وهم سكارى من الشراب قبل تحريم الخمر للأخبار المتظاهرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك نهي من الله وأن هذه الآية نزلت فيمن ذكرت أنها نزلت فيه .
فإن قال لنا قائل وكيف يكون ذلك معناه
والسكران في حال زوال عقله نظير المجنون في حال زوال عقله وأنت ممن يحيل تكليف المجانين لفقدهم الفهم لما يؤمر وينهى
قيل له إن السكران لو كان في معنى المجنون لكان غير جائز أمره ونهيه ولكن
السكران هو الذي يفهم ما يأتي ويذر غير أن الشراب قد أثقل لسانه وأجزاء جسمه وأخدرها حتى عجز عن إقامة قراءته في صلاته وحدودها الواجبة عليه فيها من غير زوال عقله فهو بما أمر به ونهي عنه عارف فهم وعن أداء بعضه عاجز بخدر جسمه من الشراب وأما من صار إلى حد لا يعقل ما يأتي ويذر فذلك منتقل من السكر إلى الخبل ومعاني المجانين وليس ذلك
[ ص: 379 ] الذي خوطب بقوله لا تقربوا الصلاة لأن ذلك مجنون وإنما خوطب به السكران والسكران ما وصفنا صفته .