القول في تأويل قوله (
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ولم نرسل يا
محمد رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه . يقول - تعالى ذكره - : فأنت يا
محمد من الرسل الذين فرضت طاعتهم على من أرسلته إليه .
وإنما هذا من الله توبيخ للمحتكمين من المنافقين الذين كانوا يزعمون أنهم
[ ص: 516 ] يؤمنون بما أنزل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما اختصموا فيه إلى الطاغوت صدودا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . يقول لهم - تعالى ذكره - : ما أرسلت رسولا إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه
فمحمد - صلى الله عليه وسلم - من أولئك الرسل ، فمن ترك طاعته والرضى بحكمه واحتكم إلى الطاغوت فقد خالف أمري ، وضيع فرضي .
ثم أخبر - جل ثناؤه - أن من أطاع رسله فإنما يطيعهم بإذنه ، يعني بتقديره ذلك وقضائه السابق في علمه ومشيئته كما : -
9904 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : "
إلا ليطاع بإذن الله " واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله ، ولا يطيعهم أحد إلا بإذن الله .
9905 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
9906 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
قال
أبو جعفر : إنما هذا تعريض من الله - تعالى ذكره - لهؤلاء المنافقين بأن تركهم طاعة الله وطاعة رسوله والرضى بحكمه إنما هو للسابق لهم من خذلانه وغلبة الشقاء عليهم ، ولولا ذلك لكانوا ممن أذن له في الرضى بحكمه ، والمسارعة إلى طاعته .