القول في تأويل قوله (
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ( 66 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بذلك : ولو أن هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت ، ويصدون عنك صدودا "
فعلوا ما يوعظون به " يعني : ما يذكرون به من طاعة الله والانتهاء إلى أمره " لكان خيرا لهم " في عاجل دنياهم وآجل معادهم "
وأشد تثبيتا " وأثبت لهم في أمورهم ، وأقوم لهم عليها . وذلك أن المنافق يعمل على شك ، فعمله يذهب باطلا وعناؤه يضمحل فيصير هباء ، وهو بشكه يعمل على وناء وضعف .
[ ص: 529 ] ولو عمل على بصيرة لاكتسب بعمله أجرا ، ولكان له عند الله ذخرا ، وكان على عمله الذي يعمل أقوى ، ولنفسه أشد تثبيتا لإيمانه بوعد الله على طاعته ، وعمله الذي يعمله . ولذلك قال من قال : معنى قوله : "
وأشد تثبيتا " تصديقا ، كما : -
9922 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا " قال : تصديقا .
لأنه إذا كان مصدقا كان لنفسه أشد تثبيتا ، ولعزمه فيه أشد تصحيحا . وهو نظير قوله - جل ثناؤه - : (
ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم ) [ سورة البقرة : 265 ] .
وقد أتينا على بيان ذلك في موضعه ، بما فيه كفاية من إعادته .