القول في تأويل قوله (
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - بقوله : ويقولون طاعة يعني : الفريق الذي أخبر الله عنهم أنهم لما كتب عليهم القتال خشوا الناس كخشية الله أو أشد خشية يقولون لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرهم بأمر : أمرك طاعة ، ولك منا طاعة فيما تأمرنا به وتنهانا عنه " وإذا برزوا من عندك " يقول : فإذا خرجوا من عندك يا
محمد " بيت طائفة منهم غير الذي تقول " يعني بذلك - جل ثناؤه - غير جماعة منهم ليلا الذي تقول لهم .
وكل عمل عمل ليلا فقد " بيت " ، ومن ذلك " بيت " العدو ، وهو الوقوع
[ ص: 563 ] بهم ليلا ومنه قول
عبيدة بن همام :
أتوني فلم أرض ما بيتوا ، وكانوا أتوني بشيء نكر
لأنكح أيمهم منذرا ، وهل ينكح العبد حر لحر ؟!
يعني بقوله : فلم أرض ما بيتوا ليلا أي : ما أبرموه ليلا وعزموا عليه
ومنه قول
النمر بن تولب العكلي :
هبت لتعذلني من الليل اسمع سفها تبيتك الملامة فاهجعي
[ ص: 564 ]
يقول الله - جل ثناؤه - "
والله يكتب ما يبيتون " يعني بذلك - جل ثناؤه - والله يكتب ما يغيرون من قولك ليلا في كتب أعمالهم التي تكتبها حفظته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
9980 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله :
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول قال : يغيرون ما عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم -
9981 - حدثني
محمد بن عبد الله بن بزيع قال : حدثنا
يوسف بن خالد قال : حدثنا
نافع بن مالك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس في قوله : بيت طائفة منهم غير الذي تقول ، قال : غير أولئك ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - .
9982 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثني
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول ، قال : غير أولئك ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
9983 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون ) قال : هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بأمر قالوا : طاعة ، فإذا
[ ص: 565 ] خرجوا من عنده غيرت طائفة منهم ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "
والله يكتب ما يبيتون " ، يقول : ما يقولون .
9984 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس قوله :
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول قال : يغيرون ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
9985 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله :
ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول : وهم ناس كانوا يقولون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : آمنا بالله ورسوله ؛ ليأمنوا على دمائهم وأموالهم . وإذا برزوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالفوا إلى غير ما قالوا عنده ، فعابهم الله ، فقال : "
بيت طائفة منهم غير الذي تقول " يقول : يغيرون ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
9986 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : "
بيت طائفة منهم غير الذي تقول " هم أهل النفاق .
وأما رفع " طاعة " ؛ فإنه بالمتروك الذي دل عليه الظاهر من القول وهو : أمرك طاعة ، أو منا طاعة . وأما قوله : " بيت طائفة " ، فإن "التاء " من " بيت " تحركها بالفتح عامة قرأة
المدينة والعراق وسائر القرأة ؛ لأنها لام " فعل " .
[ ص: 566 ]
وكان بعض قرأة
العراق يسكنها ، ثم يدغمها في " الطاء " ؛ لمقاربتها في المخرج .
قال
أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ترك الإدغام ؛ لأنها أعني " التاء " " والطاء " من حرفين مختلفين . وإذا كان كذلك كان ترك الإدغام أفصح اللغتين عند العرب ، واللغة الأخرى جائزة - أعني الإدغام - في ذلك ، محكية .