القول في تأويل قوله تعالى : (
وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو )
قال
أبو جعفر : يقال هبط فلان أرض كذا ووادي كذا ، إذا حل ذلك كما قال الشاعر :
ما زلت أرمقهم ، حتى إذا هبطت أيدي الركاب بهم من راكس فلقا
[ ص: 535 ]
وقد أبان هذا القول من الله جل ثناؤه ، عن صحة ما قلنا من أن المخرج
آدم من الجنة هو الله جل ثناؤه ، وأن إضافة الله إلى إبليس ما أضاف إليه من إخراجهما ، كان على ما وصفنا . ودل بذلك أيضا على أن هبوط
آدم وزوجته وعدوهما إبليس ، كان في وقت واحد ، بجمع الله إياهم في الخبر عن إهباطهم ، بعد الذي كان من خطيئة
آدم وزوجته ، وتسبب إبليس ذلك لهما ، على ما وصفه ربنا جل ذكره عنهم .
قال
أبو جعفر : وقد اختلف أهل التأويل في المعني بقوله : " اهبطوا " مع إجماعهم على أن
آدم وزوجته ممن عني به .
754 - فحدثنا
سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
أبي عوانة ، عن
إسماعيل بن سالم ، عن
أبي صالح : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال :
آدم وحواء وإبليس والحية .
755 - حدثنا
ابن وكيع ، nindex.php?page=showalam&ids=17182وموسى بن هارون ، قالا حدثنا
عمرو بن حماد ، قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال : فلعن الحية وقطع قوائمها وتركها تمشي على بطنها ، وجعل رزقها من التراب .
وأهبط إلى الأرض آدم وحواء وإبليس والحية .
756 - وحدثني
محمد بن عمرو ، قال : حدثنا
أبو عاصم ، قال : حدثنا
عيسى بن ميمون ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال :
آدم وإبليس والحية .
[ ص: 536 ]
757 - وحدثني
المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا
أبو حذيفة ، قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو "
آدم وإبليس والحية ، ذرية بعضهم أعداء لبعض .
758 - وحدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : "
بعضكم لبعض عدو " قال :
آدم وذريته ، وإبليس وذريته .
759 - وحدثنا
المثنى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ، قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية في قوله : "
بعضكم لبعض عدو " قال : يعني إبليس
وآدم .
760 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
إسحاق ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن
إسرائيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عمن حدثه عن
ابن عباس في قوله : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال : بعضهم لبعض عدو :
آدم وحواء وإبليس والحية .
761 - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
ابن وهب ، قال : حدثني
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
إسرائيل ، عن
إسماعيل السدي ، قال : حدثني من سمع
ابن عباس يقول : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال : آدم وحواء وإبليس والحية .
762 - وحدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : "
اهبطوا بعضكم لبعض عدو " قال : لهما ولذريتهما .
قال
أبو جعفر : فإن قال قائل : وما كانت عداوة ما بين
آدم وزوجته وإبليس والحية ؟
[ ص: 537 ] قيل : أما
عداوة إبليس آدم وذريته ، فحسده إياه ، واستكباره عن طاعة الله في السجود له حين قال لربه : (
أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) [ سورة ص : 76 ] . وأما عداوة
آدم وذريته إبليس ، فعداوة المؤمنين إياه لكفره بالله وعصيانه لربه في تكبره عليه ومخالفته أمره . وذلك من
آدم ومؤمني ذريته إيمان بالله . وأما عداوة إبليس
آدم فكفر بالله .
وأما عداوة ما بين
آدم وذريته والحية ، فقد ذكرنا ما روي في ذلك عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ، وذلك هي العداوة التي بيننا وبينها ، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501550ما سالمناهن منذ حاربناهن ، فمن تركهن خشية ثأرهن فليس منا .
763 - حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثني
حجاج بن رشدين ، قال : حدثنا
حيوة بن شريح ، عن
ابن عجلان ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501551ما سالمناهن منذ حاربناهن ، فمن ترك شيئا منهن خيفة ، فليس منا [ ص: 538 ]
قال
أبو جعفر : وأحسب أن الحرب التي بيننا ، كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم ، في إدخالها إبليس الجنة بعد أن أخرجه الله منها ، حتى استزله عن طاعة ربه في أكله ما نهي عن أكله من الشجرة .
764 - وحدثنا
أبو كريب ، قال حدثنا
معاوية بن هشام - وحدثني
محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثني
آدم - جميعا ، عن
شيبان ، عن
جابر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس . قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن قتل الحيات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه ، إن رآها أفزعته ، وإن لدغته أوجعته ، فاقتلها حيث وجدتها .