[ ص: 21 ] القول في تأويل قوله (
أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "
أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم " ، "
فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم " "
إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق " أو : إلا الذين جاءوكم منهم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم فدخلوا فيكم .
ويعني بقوله :
حصرت صدورهم ، ضاقت صدورهم عن أن يقاتلوكم أو أن يقاتلوا قومهم .
والعرب تقول لكل من ضاقت نفسه عن شيء من فعل أو كلام : "قد حصر" ، ومنه "الحصر" في القراءة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
10072 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
أو جاءوكم حصرت صدورهم " ، يقول : رجعوا فدخلوا فيكم"
حصرت صدورهم " ، يقول : ضاقت صدورهم"
أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم " .
[ ص: 22 ]
وفي قوله : "
أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم " ، متروك ، ترك ذكره لدلالة الكلام عليه . وذلك أن معناه : أو جاءوكم قد حصرت صدورهم ، فترك ذكر "قد" ، لأن من شأن العرب فعل مثل ذلك : تقول : "أتاني فلان ذهب عقله" ، بمعنى : قد ذهب عقله . ومسموع منهم : "أصبحت نظرت إلى ذات التنانير" ، بمعنى : قد نظرت . ولإضمار "قد" مع الماضي ، جاز وضع الماضي من الأفعال في موضع الحال ، لأن "قد" إذا دخلت معه أدنته من الحال ، وأشبهت الأسماء .
وعلى هذه القراءة أعني "حصرت" ، قراءة القرأة في جميع الأمصار ، وبها يقرأ لإجماع الحجة عليها .
وقد ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك : ( أو جاءوكم حصرة صدورهم ) ، نصبا ، وهي صحيحة في العربية فصيحة ، غير أنه غير جائزة القراءة بها عندي ، لشذوذها وخروجها عن قراءة قرأة الإسلام .