[ ص: 123 ] القول في تأويل قوله (
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ( 101 ) )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "
وإذا ضربتم في الأرض " ، وإذا سرتم أيها المؤمنون في الأرض ،
فليس عليكم جناح يقول : فليس عليكم حرج ولا إثم
أن تقصروا من الصلاة يعني : أن تقصروا من عددها ، فتصلوا ما كان لكم عدده منها في الحضر وأنتم مقيمون أربعا ، اثنتين ، في قول بعضهم .
وقيل : معناه : لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة إلى أقل عددها في حال ضربكم في الأرض أشار إلى واحدة ، في قول آخرين .
وقال آخرون : معنى ذلك : لا جناح عليكم أن تقصروا من حدود الصلاة . "
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ، يعني : إن خشيتم أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم . وفتنتهم إياهم فيها : حملهم عليهم وهم فيها ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم ، فيمنعوهم من إقامتها وأدائها ، ويحولوا بينهم وبين عبادة الله وإخلاص التوحيد له .
ثم أخبرهم جل ثناؤه عما عليه أهل الكفر لهم فقال : "
إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا " ، يعني : الجاحدين وحدانية الله
كانوا لكم عدوا مبينا [ ص: 124 ] يقول : عدوا قد أبانوا لكم عداوتهم بمناصبتهم لكم الحرب على إيمانكم بالله وبرسوله ، وترككم عبادة ما يعبدون من الأوثان والأصنام ، ومخالفتكم ما هم عليه من الضلالة .
واختلف أهل التأويل في معنى : "القصر" الذي وضع الله الجناح فيه عن فاعله . فقال بعضهم : في السفر ، من الصلاة التي كان واجبا إتمامها في الحضر أربع ركعات ، وأذن في قصرها في السفر إلى اثنتين .
ذكر من قال ذلك :
10310 - حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري قال : حدثنا
عبد الله بن إدريس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
ابن أبي عمار ، عن
عبد الله بن بابيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن منية قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810378قلت nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم " ، وقد أمن الناس! فقال : عجبت مما عجبت منه ، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته .
[ ص: 125 ]
10311 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن إدريس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
ابن أبي عمار ، عن
عبد الله بن بابيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية ، عن
عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
10312 - حدثنا
سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : سمعت
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار يحدث ، عن
عبد الله بن بابيه يحدث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811414قلت nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب : أعجب من قصر الناس الصلاة وقد أمنوا ، وقد قال الله تبارك وتعالى : " أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا "! فقال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته .
10313 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
هشام بن عبد الملك قال : حدثنا
أبو عوانة ، عن
قتادة ، عن أبي العالية قال : سافرت إلى مكة ، فكنت أصلي ركعتين ، فلقيني قراء من أهل هذه الناحية ، فقالوا : كيف تصلي؟ قلت ركعتين . قالوا : أسنة أو قرآن؟ قلت : كل سنة وقرآن ، [ فقد ] صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين . قالوا : إنه كان في حرب! قلت : قال الله : ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون ) [ ص: 126 ] [ سورة الفتح : 27 ] ، وقال : " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " ، فقرأ حتى بلغ : "فإذا اطمأننتم" .
10314 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن هاشم قال : أخبرنا
سيف ، عن
أبي روق ، عن
أبي أيوب ، عن علي قال : سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنا نضرب في الأرض ، فكيف نصلي؟ فأنزل الله : " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " ، ثم انقطع الوحي . فلما كان بعد ذلك بحول ، غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر ، فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم ، هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم : إن لهم أخرى مثلها في إثرها! فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين : " إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك " إلى قوله : " إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا " ، فنزلت
صلاة الخوف .
[ ص: 127 ]
قال
أبو جعفر : وهذا تأويل للآية حسن ، لو لم يكن في الكلام "إذا" ، و "إذا" تؤذن بانقطاع ما بعدها عن معنى ما قبلها . ولو لم يكن في الكلام "إذا" ، كان معنى الكلام - على هذا التأويل الذي رواه
سيف عن
أبي روق : إن خفتم ، أيها المؤمنون ، أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم ، وكنت فيهم ، يا
محمد ، فأقمت لهم الصلاة ، "فلتقم طائفة منهم معك" الآية . وبعد ، فإن ذلك فيما ذكر في قراءة
أبي بن كعب : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا ) .
10315 - حدثني بذلك
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
الثوري ، عن
واصل بن حيان ، عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن
أبي بن كعب ، أنه كان يقرأ : ( أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا ) ، ولا يقرأ : "إن خفتم" .
10316 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
بكر بن شرود عن
الثوري ، عن
واصل الأحدب ، عن
عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن
أبي بن كعب أنه قرأ : ( أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم ) ، قال
بكر : وهي في "الإمام" مصحف
عثمان رحمة الله عليه : "
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " .
[ ص: 128 ]
وهذه القراءة تنبئ على أن قوله : "
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ، مواصل قوله : "
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " ، وأن معنى الكلام : وإذا ضربتم في الأرض ، فإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، وأن قوله :
وإذا كنت فيهم قصة مبتدأة غير قصة هذه الآية .
وذلك أن تأويل قراءة
أبي هذه التي ذكرناها عنه : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن لا يفتنكم الذين كفروا ، فحذفت "لا" لدلالة الكلام عليها ، كما قال جل ثناؤه : (
يبين الله لكم أن تضلوا ) ، [ سورة النساء : 176 ] ، بمعنى : أن لا تضلوا .
ففيما وصفنا دلالة بينة على فساد التأويل الذي رواه
سيف ، عن
أبي روق .
وقال آخرون : بل هو القصر في السفر ، غير أنه إنما أذن جل ثناؤه به للمسافر في حال خوفه من عدو يخشى أن يفتنه في صلاته .
ذكر من قال ذلك :
10317 - حدثني
أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري قال : حدثنا
عبد الكبير بن عبد المجيد قال : حدثني
محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : سمعت أبي يقول : سمعت
عائشة تقول في السفر : أتموا صلاتكم . فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر ركعتين؟
[ ص: 129 ] فقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب ، وكان يخاف ، هل تخافون أنتم؟ .
10318 - حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا
ابن أبي فديك قال : حدثنا
ابن أبي ذئب ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12331أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد : أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر : إنا نجد في كتاب الله قصر صلاة الخوف ، ولا نجد
قصر صلاة المسافر؟ فقال
عبد الله : إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به .
10319 - حدثنا
علي بن سهل الرملي قال : حدثنا
مؤمل قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه : أن
عائشة كانت تصلي في السفر ركعتين .
10320 - حدثنا
سعيد بن يحيى قال : حدثني أبي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قلت
لعطاء : أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلاة في السفر؟ قال :
عائشة nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص .
[ ص: 130 ]
وقال آخرون : بل عنى بهذه الآية قصر صلاة الخوف ، في غير حال المسايفة . قالوا : وفيها نزل .
ذكر من قال ذلك :
10321 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812094عن مجاهد في قوله : " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " ، قال : يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان ، والمشركون بضجنان ، فتواقفوا ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر ركعتين أو : أربعا ، شك أبو عاصم ركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جميعا ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم ، فأنزل الله عليه : " فلتقم طائفة منهم معك " ، فصلى العصر ، فصف أصحابه صفين ، ثم كبر بهم جميعا ، ثم سجد الأولون سجدة ، والآخرون قيام ، [ ص: 131 ] ثم سجد الآخرون حين قام النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كبر بهم وركعوا جميعا ، فتقدم الصف الآخر واستأخر الأول ، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة ، وقصر العصر إلى ركعتين .
10322 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812095عن مجاهد : " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان والمشركون بضجنان ، فتواقفوا ، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر ركعتين ، ركوعهم وسجودهم وقيامهم جميعا ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى : " فلتقم طائفة منهم معك " ، فصلى بهم صلاة العصر ، فصف أصحابه صفين ، ثم كبر بهم جميعا ، ثم سجد الأولون لسجوده ، والآخرون قيام لم يسجدوا ، حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم كبر بهم وركعوا جميعا ، فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم ، فتعاقبوا السجود كما دخلوا أول مرة ، وقصرت صلاة العصر إلى ركعتين .
10323 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810379عن أبي عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان ، وعلى المشركين خالد بن الوليد . قال : فصلينا الظهر ، فقال المشركون : لقد كانوا على حال ، لو أردنا لأصبنا غرة ، لأصبنا غفلة . فأنزلت آية القصر بين الظهر والعصر ، فأخذ الناس السلاح وصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلي القبلة والمشركون مستقبلهم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبروا جميعا ، ثم ركع وركعوا جميعا ، ثم رفع رأسه فرفعوا جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخرون يحرسونهم . فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد هؤلاء ، ثم نكص الصف الذي يليه وتقدم الآخرون ، فقاموا في مقامهم ، فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركعوا جميعا ، ثم رفع رأسه فرفعوا جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخرون يحرسونهم . فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد هؤلاء الآخرون ، ثم استووا معه ، فقعدوا جميعا ، ثم سلم عليهم جميعا ، فصلاها بعسفان ، وصلاها يوم بني سليم .
10324 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن
شيبان النحوي ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، عن
أبي عياش الزرقي وعن
إسرائيل ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، عن
أبي عياش ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعسفان ، ثم ذكر نحوه .
[ ص: 132 ]
10325 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام قال : حدثنا أبي ، عن
قتادة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812096عن سليمان اليشكري : أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة : أي يوم أنزل؟ أو : أي يوم هو؟ فقال جابر : انطلقنا نتلقى عير قريش آتية من الشأم ، حتى إذا كنا بنخل ، جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ! قال : نعم . قال : هل تخافني؟ قال : لا! قال : فمن يمنعك مني؟ قال : الله يمنعني منك! قال : فسل السيف ، ثم هدده وأوعده ، ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ، ثم نودي بالصلاة ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى يحرسونهم ، فصلى بالذين يلونه ركعتين ، ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ، ثم سلم . فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ، وللقوم ركعتين ركعتين ، فيومئذ أنزل الله في إقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح .
وقال آخرون : بل عني بها قصر صلاة الخوف في حال غير شدة الخوف ،
[ ص: 133 ] إلا أنه عني به القصر في صلاة السفر لا في صلاة الإقامة . قالوا : وذلك أن صلاة السفر في غير حال الخوف ركعتان ، تمام غير قصر ، كما أن صلاة الإقامة أربع ركعات في حال الإقامة . قالوا : فقصرت في السفر في حال الأمن غير الخوف عن صلاة المقيم ، فجعلت على النصف ، وهي تمام في السفر . ثم قصرت في حال الخوف في السفر عن صلاة الأمن فيه ، فجعلت على النصف ، ركعة .
ذكر من قال ذلك :
10326 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا " ، إلى قوله :
عدوا مبينا إن الصلاة إذا صليت ركعتين في السفر فهو تمام . والتقصير لا يحل ، إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة . والتقصير ركعة : يقوم الإمام ويقوم جنده جندين ، طائفة خلفه ، وطائفة يوازون العدو ، فيصلي بمن معه ركعة ، ويمشون إليهم على أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم ، وتلك المشية القهقرى . ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام ركعة أخرى ، ثم يجلس الإمام فيسلم ، فيقومون فيصلون لأنفسهم ركعة ، ثم يرجعون إلى صفهم ، ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعتهم ركعة . والناس يقولون : لا بل
[ ص: 134 ] هي ركعة واحدة ، لا يصلي أحد منهم إلى ركعته شيئا ، تجزئه ركعة الإمام . فيكون للإمام ركعتان ، ولهم ركعة . فذلك قول الله : "
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة " إلى قوله :
وخذوا حذركم .
10327 - حدثني
أحمد بن الوليد القرشي قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
سماك الحنفي قال : سألت
ابن عمر عن صلاة السفر فقال : ركعتان تمام غير قصر ، إنما القصر صلاة المخافة . فقلت : وما صلاة المخافة؟ قال : يصلي الإمام بطائفة ركعة ، ثم يجيء هؤلاء مكان هؤلاء ، ويجيء هؤلاء مكان هؤلاء ، فيصلي بهم ركعة ، فيكون للإمام ركعتان ، ولكل طائفة ركعة ركعة .
10328 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى قال : حدثنا
سفيان ، عن
سالم الأفطس ، عن
سعيد بن جبير قال : كيف تكون قصرا وهم يصلون ركعتين؟ إنما هي ركعة .
10329 - حدثني
سعيد بن عمرو السكوني قال : حدثنا
بقية قال : حدثنا
المسعودي قال : حدثني
يزيد الفقير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
صلاة الخوف ركعة .
10330 - حدثني
أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثني عمي
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
عمرو بن الحارث قال : حدثني
بكر بن سوادة : أن
زياد بن نافع حدثه عن
كعب وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قطعت يده يوم
اليمامة : أن صلاة الخوف لكل طائفة ركعة وسجدتان .
[ ص: 135 ]
واعتل قائلو هذه المقالة من الآثار بما : -
10331 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
يحيى بن سعيد قال : حدثنا
سفيان قال : حدثني
أشعث بن أبي الشعثاء ، عن
الأسود بن هلال ، عن
ثعلبة بن زهدم اليربوعي قال : كنا مع
سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم يحفظ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف؟ فقال
حذيفة : أنا . فأقامنا خلفه صفا ، وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين يلونه ركعة ، ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف أولئك ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة .
10332 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
يحيى وعبد الرحمن قالا : حدثنا
[ ص: 136 ] سفيان ، عن
الركين بن الربيع ، عن
القاسم بن حسان قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت عنه فحدثني ، بنحوه .
10333 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
الأشعث ، عن
الأسود بن هلال ، عن
ثعلبة بن زهدم اليربوعي ، عن
حذيفة بنحوه .
10334 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثني
يحيى قال : حدثنا
سفيان قال : حدثني
أبو بكر بن أبي الجهم ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810380عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد ، فصف الناس خلفه صفين ، صفا خلفه ، وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، وجاء أولئك ، فصلى بهم ركعة . ولم يقضوا .
[ ص: 137 ]
10335 - حدثنا
تميم بن المنتصر قال : أخبرنا
إسحاق الأزرق ، عن
شريك ، عن
أبي بكر بن صخير ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، عن
ابن عباس مثله .
10336 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
أبو عوانة ، عن
بكير بن الأخنس ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم عليه السلام في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة .
10337 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
أبو عوانة ، عن
بكير بن الأخنس ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس مثله .
10338 - حدثنا
نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال : حدثنا
المحاربي ، عن
أيوب بن عائذ الطائي ، عن
بكير بن الأخنس ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس مثله .
10339 - حدثنا
يعقوب بن ماهان قال : حدثنا
القاسم بن مالك ، عن
أيوب بن عائذ الطائي ، عن
بكير بن الأخنس ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس مثله .
[ ص: 138 ]
10340 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
يزيد الفقير ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810381عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف ، فقام صف بين يديه وصف خلفه ، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا مقام أصحابهم ، وجاء أولئك حتى قاموا مقام هؤلاء ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين ، ثم سلم ، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ولهم ركعة .
10341 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15517أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال : حدثني عمي
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني
عمرو بن الحارث : أن
بكر بن سوادة حدثه ، عن
زياد بن نافع حدثه ، عن
أبي موسى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811415أن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله حدثهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف يوم محارب وثعلبة ، لكل طائفة ركعة وسجدتين .
10342 - حدثني
أحمد بن محمد الطوسي قال : حدثنا
عبد الصمد قال : حدثنا
سعيد بن عبيد الهنائي قال : حدثنا
عبد الله بن شقيق قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501900أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان ، فقال المشركون : إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأبكارهم ، وهي العصر ، فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة . وإن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يقسم [ ص: 139 ] أصحابه شطرين ، فيصلي ببعضهم ، وتقوم طائفة أخرى وراءهم فيأخذوا حذرهم وأسلحتهم ، ثم يأمر الأخرى فيصلوا معه ، ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم ، فتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين .
وقال آخرون : عنى به القصر في السفر ، إلا أنه عنى به القصر في شدة الحرب وعند المسايفة ، فأبيح عند التحام الحرب للمصلي أن يركع ركعة إيماء برأسه حيث توجه بوجهه . قالوا : فذلك معنى قوله : "
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " .
ذكر من قال ذلك :
10343 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس :
وإذا ضربتم في الأرض الآية ، قصر الصلاة ،
إن لقيت العدو وقد حانت الصلاة : أن تكبر الله ، وتخفض رأسك إيماء ، راكبا كنت أو ماشيا .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية ، قول من قال : "عنى بالقصر فيها ، القصر من حدودها . وذلك ترك إتمام ركوعها وسجودها ، وإباحة أدائها كيف أمكن أداؤها ، مستقبل القبلة فيها ومستدبرها ، وراكبا وماشيا ،
[ ص: 140 ] وذلك في حال السلة والمسايفة والتحام الحرب وتزاحف الصفوف ، وهي الحالة التي قال الله تبارك وتعالى : (
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) ، [ سورة البقرة : 239 ] ، وأذن بالصلاة المكتوبة فيها راكبا ، إيماء بالركوع والسجود ، على نحو ما روي عن
ابن عباس من تأويله ذلك .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بقوله : "
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ، لدلالة قول الله تعالى : "
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة " ، على أن ذلك كذلك . لأن إقامتها : إتمام حدودها من الركوع والسجود وسائر فروضها ، دون الزيادة في عددها التي لم تكن واجبة في حال الخوف .
فإن ظن ظان أن ذلك أمر من الله بإتمام عددها الواجب عليه في حال الأمن بعد زوال الخوف ، فقد يجب أن يكون المسافر في حال قصره صلاته عن صلاة المقيم ، غير مقيم صلاته ، لنقص عدد صلاته من الأربع اللازمة كانت له في حال إقامته إلى الركعتين . وذلك قول إن قاله قائل ، مخالف لما عليه الأمة مجمعة : من أن المسافر لا يستحق أن يقال له إذا أتى بصلاته بكمال حدودها المفروضة عليه فيها ، وقصر عددها عن أربع إلى اثنتين : "إنه غير مقيم صلاته" . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان الله تعالى قد أمر الذي أباح له أن يقصر صلاته خوفا من عدوه أن يفتنه ، أن يقيم صلاته إذا اطمأن وزال الخوف ، كان معلوما أن الذي فرض عليه من إقامة ذلك في حال الطمأنينة ، عين الذي كان أسقط عنه في حال الخوف . وإذ كان الذي فرض عليه في حال الطمأنينة : إقامة
[ ص: 141 ] صلاته ، فالذي أسقط عنه في غير حال الطمأنينة : ترك إقامتها . وقد دللنا على أن ترك إقامتها ، إنما هو ترك حدودها ، على ما بينا .