[ ص: 197 ] القول في تأويل قوله (
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ( 112 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه :
من يعمل خطيئة وهي الذنب أو إثما وهو ما لا يحل من المعصية .
وإنما فرق بين "الخطيئة والإثم" ، لأن "الخطيئة" ، قد تكون من قبل العمد وغير العمد ، و "الإثم" لا يكون إلا من العمد ، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما فقال : ومن يأت "خطيئة" على غير عمد منه لها "أو إثما" على عمد منه .
"
ثم يرم به بريئا " ، يعني : ثم يضيف ما له من خطئه أو إثمه الذي تعمده "بريئا" مما أضافه إليه ونحله إياه "
فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " يقول : فقد تحمل بفعله ذلك فرية وكذبا وإثما عظيما يعني ، وجرما عظيما ، على علم منه وعمد لما أتى من معصيته وذنبه .
واختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله : "بريئا" ، بعد إجماع جميعهم على أن الذي رمى البريء من الإثم الذي كان أتاه ،
ابن أبيرق الذي وصفنا شأنه قبل .
[ ص: 198 ]
فقال بعضهم : عنى الله عز وجل بالبريء ، رجلا من المسلمين يقال له : "
لبيد بن سهل " .
وقال آخرون : بل عنى رجلا من
اليهود يقال له : "
زيد بن السمين " ، وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى .
وممن قال : "كان يهوديا" ،
ابن سيرين .
10425 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
غندر ، عن
شعبة ، عن
خالد الحذاء ، عن
ابن سيرين :
ثم يرم به بريئا قال : يهوديا .
10426 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
بدل بن المحبر قال : حدثنا
شعبة ، عن
خالد ، عن
ابن سيرين ، مثله .
وقيل : "
يرم به بريئا " ، بمعنى : ثم يرم بالإثم الذي أتى هذا الخائن ، من هو بريء مما رماه به ، ف "الهاء" في قوله : به عائدة على "الإثم" . ولو جعلت كناية من ذكر "الإثم" و "الخطيئة" ، كان جائزا ، لأن الأفعال وإن اختلفت العبارات عنها ، فراجعة إلى معنى واحد بأنها فعل .
وأما قوله : "
فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، فإن معناه : فقد تحمل - هذا الذي رمى بما أتى من المعصية وركب من الإثم والخطيئة ، من هو بريء مما رماه به
[ ص: 199 ] من ذلك - بهتانا وهو الفرية والكذب
وإثما مبينا يعني وزرا مبينا يعني أنه يبين عن أمر متحمله وجراءته على ربه ، وتقدمه على خلافه فيما نهاه عنه لمن يعرف أمره .