القول في
تأويل قوله ( لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ( 118 ) )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : لعنه الله أخزاه وأقصاه وأبعده .
ومعنى الكلام : "
وإن يدعون إلا شيطانا مريدا " ، قد لعنه الله وأبعده من كل خير .
وقال لأتخذن يعني بذلك : أن الشيطان المريد قال لربه إذ لعنه : "
لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا " .
يعني ب "المفروض" ، المعلوم ، كما : -
10444 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو نعيم قال : حدثنا
سفيان ، عن
جويبر ، عن
الضحاك : "
نصيبا مفروضا " ، قال : معلوما .
فإن قال قائل : وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيبا مفروضا .
قيل : يتخذ منهم ذلك النصيب ، بإغوائه إياهم عن قصد السبيل ، ودعائه
[ ص: 213 ] إياهم إلى طاعته ، وتزيينه لهم الضلال والكفر حتى يزيلهم عن منهج الطريق ، فمن أجاب دعاءه واتبع ما زينه له ، فهو من نصيبه المعلوم ، وحظه المقسوم .
وإنما أخبر جل ثناؤه في هذه الآية بما أخبر به عن الشيطان من قيله : "
لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا " ، ليعلم الذين شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ، أنهم من نصيب الشيطان الذي لعنه الله ، المفروض ، وأنهم ممن صدق عليهم ظنه .
وقد دللنا على معنى "اللعنة" فيما مضى ، فكرهنا إعادته .