القول في
تأويل قوله ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " .
فقال بعضهم : عني بقوله : "
ليس بأمانيكم " ، أهل الإسلام .
ذكر من قال ذلك :
10490 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
منصور ، عن
أبي الضحى ، عن
مسروق قال : تفاخر
النصارى وأهل الإسلام ، فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم! وقال هؤلاء : نحن أفضل منكم! قال : فأنزل الله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " .
10491 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
أبي الضحى ، عن
مسروق قال : لما نزلت : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء! فنزلت هذه الآية : "
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " .
10492 - حدثني
أبو السائب nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
أبو معاوية ، عن
[ ص: 229 ] الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، قال : احتج المسلمون
وأهل الكتاب ، فقال المسلمون : نحن أهدى منكم! وقال
أهل الكتاب : نحن أهدى منكم! فأنزل الله :
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب قال : ففلج عليهم المسلمون بهذه الآية : "
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " ، إلى آخر الآيتين .
10493 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : ذكر لنا أن المسلمين
وأهل الكتاب افتخروا ، فقال
أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن أولى بالله منكم! وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ، نبينا خاتم النبيين ، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله! فأنزل الله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، إلى قوله : "
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا " ، فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان .
10494 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، قال : التقى ناس من
اليهود والنصارى ، فقالت
اليهود للمسلمين : نحن خير منكم ، ديننا قبل دينكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن على دين إبراهيم ، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودا! وقالت
النصارى مثل ذلك ، فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ، ونبينا بعد نبيكم ، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم ، فنحن خير منكم ، نحن على دين
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا! فرد الله عليهم قولهم فقال : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، ثم فضل الله
[ ص: 230 ] المؤمنين عليهم فقال : "
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا " .
10495 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، تخاصم أهل الأديان ، فقال أهل التوراة : كتابنا أول كتاب وخيرها ، ونبينا خير الأنبياء! وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك ، وقال أهل الإسلام : لا دين إلا دين الإسلام ، وكتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم النبيين ، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم! فقضى الله بينهم فقال : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال : "
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " إلى قوله : "
واتخذ الله إبراهيم خليلا " .
10496 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، إلى : ولا نصيرا تحاكم أهل الأديان ، فقال أهل التوراة : كتابنا خير الكتب ، أنزل قبل كتابكم ، ونبينا خير الأنبياء! وقال أهل الإنجيل مثل ذلك ، وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام ، كتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم النبيين ، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ، ونعمل بكتابنا! فقضى الله بينهم فقال : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، وخير بين أهل الأديان فقال : "
ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا . "
10497 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
يعلى بن عبيد [ ص: 231 ] وأبو زهير ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح قال : جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان ، فقال هؤلاء : نحن أفضل! وقال هؤلاء : نحن أفضل! فأنزل الله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " . ثم خص الله أهل الإيمان فقال : "
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " .
10498 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو أسامة ، عن
إسماعيل ، عن
أبي صالح قال : جلس أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الزبور فتفاخروا فقال هؤلاء : نحن أفضل! وقال هؤلاء : نحن أفضل! وقال هؤلاء : نحن أفضل! فأنزل الله : "
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " .
10499 - حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا
يزيد قال : أخبرنا
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، قال : افتخر أهل الأديان ، فقالت
اليهود : كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله ، ونبينا أكرم الأنبياء على الله ،
موسى كلمه الله قبلا وخلا به نجيا ، وديننا خير الأديان! وقالت
النصارى :
عيسى ابن مريم خاتم الرسل ، وآتاه الله التوراة والإنجيل ، ولو أدركه
موسى لاتبعه ، وديننا خير الأديان! وقالت
المجوس وكفار العرب : ديننا أقدم الأديان وخيرها! وقال المسلمون :
محمد نبينا خاتم النبيين
[ ص: 232 ] وسيد الأنبياء ، والفرقان آخر ما أنزل من الكتب من عند الله ، وهو أمين على كل كتاب ، والإسلام خير الأديان! فخير الله بينهم فقال : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " .
وقال آخرون : بل عنى الله بقوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، أهل الشرك به من عبدة الأوثان .
ذكر من قال ذلك :
10500 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، قال :
قريش ، قالت : "لن نبعث ولن نعذب" .
10501 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
ليس بأمانيكم " ، قال : قالت
قريش : "لن نبعث ولن نعذب" ، فأنزل الله : "
من يعمل سوءا يجز به " .
10502 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : حدثنا
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، قال : قالت العرب : "لن نبعث ولن نعذب" ، وقالت
اليهود والنصارى : (
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) [ سورة البقرة : 111 ] ، أو قالوا : (
لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) ، [ سورة البقرة : 80 ] شك
أبو بشر .
10503 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ،
قريش [ ص: 233 ] وكعب بن الأشرف "
من يعمل سوءا يجز به " .
10504 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : سمعت
ابن زيد يقول في قوله : "
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " إلى آخر الآية ، قال : جاء
حيي بن أخطب إلى المشركين فقالوا له : يا
حيي ، إنكم أصحاب كتب ، فنحن خير أم
محمد وأصحابه؟ فقال : نحن وأنتم خير منه! فذلك قوله : (
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) إلى قوله : (
ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ) [ سورة النساء : 51 ، 52 ] . ثم قال للمشركين : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، فقرأ حتى بلغ : "
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا قال : ووعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم ، ولم يعد أولئك ، وقرأ : (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ) [ سورة العنكبوت : 7 ] .
10505 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، قال : قالت
قريش : "لن نبعث ولن نعذب"!
[ ص: 234 ]
وقال آخرون : عني به
أهل الكتاب خاصة .
ذكر من قال ذلك :
10506 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان قال : سمعت
الضحاك يقول : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " الآية ، قال : نزلت في أهل الكتاب حين خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب في ذلك ، ما قال
مجاهد : من أنه عنى بقوله : "
ليس بأمانيكم " ، مشركي
قريش .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن المسلمين لم يجر لأمانيهم ذكر فيما مضى من الآي قبل قوله : "
ليس بأمانيكم " ، وإنما جرى ذكر أماني نصيب الشيطان المفروض ، وذلك في قوله : "
ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام " ، وقوله : "
يعدهم ويمنيهم " ، فإلحاق معنى قوله جل ثناؤه : "
ليس بأمانيكم " بما قد جرى ذكره قبل ، أحق وأولى من ادعاء تأويل فيه ، لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل ، ولا أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا إجماع من أهل التأويل .
وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية إذا : ليس الأمر بأمانيكم ، يا معشر أولياء الشيطان وحزبه ، التي يمنيكموها وليكم عدو الله ، من إنقاذكم ممن أرادكم بسوء ، ونصرتكم عليه وإظفاركم به ، ولا أماني أهل الكتاب الذين قالوا اغترارا بالله وبحلمه عنهم : (
لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) و (
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) ، فإن الله مجازي كل عامل منكم جزاء عمله ، من يعمل منكم سوءا ، ومن غيركم ، يجز به ، ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ، ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة .
[ ص: 235 ]
ومما يدل أيضا على صحة ما قلنا في تأويل ذلك ، وأنه عني بقوله : "
ليس بأمانيكم " مشركو العرب ، كما قال
مجاهد ، أن الله وصف وعد الشيطان ما وعد أولياءه وأخبر بحال وعده ، ثم أتبع ذلك بصفة وعده الصادق بقوله : "
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا " ، وقد ذكر جل ثناؤه مع وصفه وعد الشيطان أولياءه ، تمنيته إياهم الأماني بقوله : "
يعدهم ويمنيهم " ، كما ذكر وعده إياهم . فالذي هو أشبه أن يتبع تمنيته إياهم من الصفة ، بمثل الذي أتبع عدته إياهم به من الصفة .
وإذ كان ذلك كذلك ، صح أن قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " الآية ، إنما هو خبر من الله عن أماني أولياء الشيطان ، وما إليه صائرة أمانيهم مع سيئ أعمالهم من سوء الجزاء ، وما إليه صائرة أعمال أولياء الله من حسن الجزاء . وإنما ضم جل ثناؤه
أهل الكتاب إلى المشركين في قوله : "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب " ، لأن أماني الفريقين من تمنية الشيطان إياهم التي وعدهم أن يمنيهموها بقوله : "
ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم " .
القول في
تأويل قوله ( من يعمل سوءا يجز به )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : عنى ب "السوء" كل معصية لله . وقالوا : معنى الآية : من يرتكب صغيرة أو كبيرة من مؤمن أو كافر من معاصي الله ، يجازه الله بها .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 236 ]
10507 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : أن
الربيع بن زياد سأل
أبي بن كعب عن هذه الآية : "
من يعمل سوءا يجز به " ، فقال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى! النكبة والعود والخدش .
10508 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
غندر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي قال : حدثنا
قتادة ، عن
الربيع بن زياد قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=34لأبي بن كعب : قول الله تبارك وتعالى : "
من يعمل سوءا يجز به " ، والله إن كان كل ما عملنا جزينا به هلكنا! قال : والله إن كنت لأراك أفقه مما أرى! لا يصيب رجلا خدش ولا عثرة إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر ، حتى اللدغة والنفحة .
10509 - حدثنا
القاسم بن بشر بن معروف قال : حدثنا
سليمان بن حرب قال : حدثنا
حماد بن زيد ، عن
حجاج الصواف ، عن
أيوب ، عن
أبي قلابة ، عن
أبي المهلب قال : دخلت على
عائشة كي أسألها عن هذه الآية :
[ ص: 237 ] "
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، قالت : ذاك ما يصيبكم في الدنيا .
10510 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
خالد : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يقول في قوله : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : يجز به في الدنيا . قال قلت : وما تبلغ المصيبات؟ قال : ما تكره .
وقال آخرون : معنى ذلك : من يعمل سوءا من أهل الكفر ، يجز به .
ذكر من قال ذلك :
10511 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، عن
حماد بن سلمة ، عن
حميد ، عن
الحسن : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : الكافر ، ثم قرأ : (
وهل نجازي إلا الكفور ) [ سورة سبأ : 17 ] ، قال : من الكفار .
[ ص: 238 ]
10512 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
سهل ، عن
حميد ، عن
الحسن ، مثله .
10513 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
أبو همام الأهوازي ، عن
يونس بن عبيد ، عن
الحسن : أنه كان يقول : "
من يعمل سوءا يجز به " ، و (
وهل نجازي إلا الكفور ) ، [ سورة سبأ : 17 ] ، يعني بذلك الكفار ، لا يعني بذلك أهل الصلاة .
10514 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
مبارك ، عن
الحسن في قوله : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : والله ما جازى الله عبدا بالخير والشر إلا عذبه . قال : (
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ، [ سورة النجم : 31 ] . قال : أما والله لقد كانت لهم ذنوب ، ولكنه غفرها لهم ولم يجازهم بها ، إن الله لا يجازي عبده المؤمن بذنب ، إذا توبقه ذنوبه .
10515 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : سمعت
ابن زيد يقول في قوله : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيئاتهم ، ولم يعد أولئك يعني المشركين .
10516 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
عاصم ، عن
الحسن : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : إنما ذلك لمن أراد الله هوانه ، فأما من أراد كرامته ، فإنه من أهل الجنة : (
وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) ، [ سورة الأحقاف : 16 ]
10517 - حدثني
يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا
يزيد قال : أخبرنا
جويبر ، عن
الضحاك : "
من يعمل سوءا يجز به " ، يعني بذلك :
اليهود والنصارى [ ص: 239 ] والمجوس وكفار العرب"
ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا " .
وقال آخرون : معنى "السوء" في هذا الموضع : الشرك . قالوا : وتأويل قوله : "
من يعمل سوءا يجز به " ، من يشرك بالله يجز بشركه "
ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " .
ذكر من قال ذلك :
10518 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
من يعمل سوءا يجز به " ، يقول : من يشرك يجز به وهو "السوء""
ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " ، إلا أن يتوب قبل موته فيتوب الله عليه .
10519 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن
سعيد بن جبير : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال : الشرك .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلات التي ذكرناها بتأويل الآية ، التأويل الذي ذكرناه عن
أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة : وهو أن كل من عمل سوءا صغيرا أو كبيرا من مؤمن أو كافر ، جوزي به .
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية لعموم الآية كل عامل سوء ، من غير أن يخص أو يستثنى منهم أحد . فهي على عمومها ، إذ لم يكن في الآية دلالة على خصوصها ، ولا قامت حجة بذلك من خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
فإن قال قائل : وأين ذلك من قول الله : (
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) . [ سورة النساء : 31 ] ؟ وكيف يجوز أن يجازي على ما قد وعد تكفيره؟
[ ص: 240 ]
قيل : إنه لم يعد بقوله : "
نكفر عنكم سيئاتكم " ، ترك المجازاة عليها ، وإنما وعد التكفير بترك الفضيحة منه لأهلها في معادهم ، كما فضح أهل الشرك والنفاق . فأما إذا جازاهم في الدنيا عليها بالمصائب ليكفرها عنهم بها ، ليوافوه ولا ذنب لهم يستحقون المجازاة عليه ، فإنما وفى لهم بما وعدهم بقوله : "
نكفر عنكم سيئاتكم " ، وأنجز لهم ما ضمن لهم بقوله : (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، [ سورة النساء : 122 ] .
وبنحو الذي قلنا في ذلك : تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر الأخبار الواردة بذلك :
10520 - حدثنا
أبو كريب nindex.php?page=showalam&ids=16010وسفيان بن وكيع nindex.php?page=showalam&ids=17206ونصر بن علي وعبد الله بن أبي زياد القطواني قالوا ، حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
ابن محيصن ، عن
محمد بن قيس بن مخرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810392لما نزلت هذه الآية : " من يعمل سوءا يجز به " ، شقت على المسلمين ، وبلغت منهم ما شاء الله أن تبلغ ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قاربوا وسددوا ، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة ، حتى النكبة ينكبها ، أو الشوكة يشاكها .
10521 - حدثني
عبد الله بن أبي زياد nindex.php?page=showalam&ids=14386وأحمد بن منصور الرمادي قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن حباب قال : حدثنا
عبد الملك بن الحسن الحارثي قال : حدثنا
[ ص: 241 ] محمد بن زيد بن قنفذ ، عن
عائشة ، عن
أبي بكر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812100لما نزلت : " من يعمل سوءا يجز به " ، قال أبو بكر : يا رسول الله ، كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال : يا أبا بكر ، أليس يصيبك كذا وكذا؟ فهو كفارته .
10522 - حدثني
إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا
عبد الوهاب بن عطاء ، عن
زياد الجصاص ، عن
علي بن زيد ، عن
مجاهد قال : حدثني
عبد الله بن عمر : أنه سمع
أبا بكر يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810393سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من يعمل سوءا يجز به في الدنيا .
10523 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
إسماعيل ، عن
أبي بكر بن أبي زهير ، nindex.php?page=hadith&LINKID=811422عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق أنه قال : يا نبي الله ، كيف الصلاح بعد [ ص: 242 ] هذه الآية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أية آية؟ قال يقول الله : " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، فما عملناه جزينا به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك يا أبا بكر ! ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ قال : فهو ما تجزون به!
10524 - حدثنا
يونس قال : حدثنا
سفيان ، عن
إسماعيل بن أبي خالد قال : أظنه عن
أبي بكر الثقفي ، عن
أبي بكر قال : لما نزلت هذه الآية : "
من يعمل سوءا يجز به " ، قال
أبو بكر : كيف الصلاح؟ ثم ذكر نحوه ، إلا أنه زاد فيه : ألست تنكب؟
10525 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
هشيم قال : حدثنا
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي بكر بن أبي زهير : أن
أبا بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف الصلاح؟ فذكر مثله .
10526 - حدثني
محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا
أبو مالك الجنبي ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي بكر بن أبي زهير الثقفي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811423قال أبو بكر : يا رسول الله ، فذكر نحوه إلا أنه قال : فكل سوء عملناه جزينا به؟ وقال أيضا : ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ أليس تصيبك اللأواء؟ قال : بلى ، قال : هو ما تجزون به!
10527 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
ابن أبي خالد ، عن
[ ص: 243 ] أبي بكر بن أبي زهير الثقفي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810394لما نزلت هذه الآية : " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " ، قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ، وإنا لنجزى بكل شيء نعمله؟ قال : يا أبا بكر ، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فهذا مما تجزون به .
10528 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن سعيد قال : حدثنا
ابن أبي خالد قال : حدثني
أبو بكر بن أبي زهير الثقفي ، عن
أبي بكر ، فذكر مثله .
10529 - حدثنا
أبو السائب nindex.php?page=showalam&ids=16010وسفيان بن وكيع قالا : حدثنا
أبو معاوية ، عن
الأعمش ، عن
مسلم قال : قال
أبو بكر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811424يا رسول الله ، ما أشد هذه الآية : " من يعمل سوءا يجز به "؟ قال : يا أبا بكر ، إن المصيبة في الدنيا جزاء . [ ص: 244 ]
10530 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
روح بن عبادة قال : حدثنا
أبو عامر الخزاز ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812101عن عائشة قالت ، قلت : إني لأعلم أي آية في كتاب الله أشد . فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : أي آية؟ فقلت : " من يعمل سوءا يجز به "! قال : "إن المؤمن ليجازى بأسوأ عمله في الدنيا" ، ثم ذكر أشياء منهن المرض والنصب ، فكان آخره أنه ذكر النكبة ، فقال : "كل ذي يجزى به بعمله ، يا عائشة ، إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا يعذب" . فقلت : أليس يقول الله : ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) ، [ سورة الانشقاق : 8 ] ؟ فقال : ذاك عند العرض ، إنه من نوقش الحساب عذب ، وقال بيده على إصبعه ، كأنه ينكته .
[ ص: 245 ]
10531 - حدثني
القاسم بن بشر بن معروف قال : حدثنا
سليمان بن حرب قال : حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
علي بن زيد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3501902عن أمية قالت : سألت عائشة عن هذه الآية : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ، [ سورة البقرة : 284 ] ، و " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " . قالت : ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها [ ص: 246 ] فقال : يا عائشة ، ذاك مثابة الله للعبد بما يصيبه من الحمى والكبر ، والبضاعة يضعها في كمه فيفقدها ، فيفزع لها فيجدها في كمه ، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير .
10532 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
أبو عامر الخزاز قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=811426عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله ، إني لأعلم أشد آية في القرآن! فقال : ما هي يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة؟ قلت : هي هذه الآية يا رسول الله : من يعمل سوءا يجز به فقال : هو ما يصيب العبد المؤمن ، حتى النكبة ينكبها .
10533 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
الربيع بن صبيح ، عن
عطاء قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811427لما نزلت : " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " [ ص: 247 ] قال أبو بكر : يا رسول الله ، ما أشد هذه الآية؟ قال : يا أبا بكر ، إنك تمرض ، وإنك تحزن ، وإنك يصيبك أذى ، فذاك بذاك .
10534 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
عطاء بن أبي رباح قال :
لما نزلت قال أبو بكر : جاءت قاصمة الظهر! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي المصيبات في الدنيا .