[ ص: 253 ] القول في تأويل قوله ( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "
ويستفتونك في النساء " ، ويسألك ، يا
محمد ، أصحابك أن تفتيهم في أمر النساء ، والواجب لهن وعليهن ، فاكتفى بذكر "النساء" من ذكر شأنهن ، لدلالة ما ظهر من الكلام على المراد منه .
"
قل الله يفتيكم فيهن " ، قل لهم : يا
محمد ، الله يفتيكم فيهن ، يعني : في النساء "
وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "
وما يتلى عليكم في الكتاب " .
فقال بعضهم : يعني بقوله : "
وما يتلى عليكم ، قل الله يفتيكم فيهن ، وفيما يتلى عليكم . قالوا : والذي يتلى عليهم ، هو آيات الفرائض التي في أول هذه السورة .
ذكر من قال ذلك :
10539 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حكام بن سلم ، عن
عمرو بن أبي قيس ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب " ، قال : كان
أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ، ولا يورثون المرأة . فلما كان الإسلام ، قال : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب " في أول
[ ص: 254 ] السورة في الفرائض اللاتي لا تؤتونهن ما كتب الله لهن .
10540 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة : "
وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " ، قالت : هذا في اليتيمة تكون عند الرجل ، لعلها أن تكون شريكته في ماله ، وهو أولى بها من غيره ، فيرغب عنها أن ينكحها ويعضلها لمالها ، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها .
10541 - حدثنا
ابن وكيع وابن حميد قالا : حدثنا
جرير ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير قال :
كانوا لا يورثون في الجاهلية النساء والفتى حتى يحتلم ، فأنزل الله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء " ، في أول "سورة النساء" من الفرائض .
10542 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
جرير ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
شعبة قال : كانوا في الجاهلية لا يورثون اليتيمة ، ولا ينكحونها ويعضلونها ، فأنزل الله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن " إلى آخر الآية .
10543 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : أخبرني
الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
عبد الله بن كثير : أنه سمع
سعيد بن جبير يقول في قوله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن "
[ ص: 255 ] الآية ، قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ ، لا يرث الرجل الصغير ولا المرأة . فلما نزلت آية المواريث في "سورة النساء" ، شق ذلك على الناس وقالوا : يرث الصغير الذي لا يعمل في المال ولا يقوم فيه ، والمرأة التي هي كذلك ، فيرثان كما يرث الرجل الذي يعمل في المال! فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء ، فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تم هذا ، إنه لواجب ما منه بد! ثم قالوا : سلوا . فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب " في أول السورة "
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " . قال
سعيد بن جبير : وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها ، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها .
10544 - حدثنا
ابن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
جرير ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " ، قال : كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها ، وحبسوها عن التزويج حتى تموت ، فيرثوها . فأنزل الله هذا .
10545 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
مغيرة ، عن
إبراهيم في قوله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن " ، قال : كان الرجل منهم تكون له اليتيمة بها الدمامة والأمر الذي يرغب عنها فيه ، ولها مال . قال : فلا يتزوجها ولا يزوجها ، حتى تموت فيرثها . قال : فنهاهم الله عن ذلك .
10546 - حدثنا
سفيان بن وكيع قال : حدثنا
عبد الله ، عن
إسرائيل ، [ ص: 256 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي مالك : "
وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " ، قال : كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عنها ، حبسها إن لم يتزوجها ، ولم يدع أحدا يتزوجها .
10547 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا ، كانوا يقولون : لا يغزون ولا يغنمون خيرا! ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا ليتنافس أو : لينفس الرجل في مال يتيمته إن لم تكن حسنة .
10548 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد بنحوه .
10549 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب " ، يعني الفرائض التي افترض في أمر النساء
اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكحها أو يجامعها ، ولا يعطيها مالها ، رجاء أن تموت فيرثها . وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئا . وكان ذلك في الجاهلية ، فبين الله لهم ذلك .
[ ص: 257 ]
10550 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن " حتى بلغ "
وترغبون أن تنكحوهن " ، فكان الرجل تكون في حجره اليتيمة بها دمامة ، ولها مال ، فكان يرغب عنها أن يتزوجها ، ويحبسها لمالها ، فأنزل الله فيه ما تسمعون .
10551 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن " ، قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة ، فيرغب عنها أن ينكحها ، ولا ينكحها رغبة في مالها .
10552 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله : " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " ، إلى قوله : بالقسط قال : كان جابر بن عبد الله الأنصاري ثم السلمي له ابنة عم عمياء ، وكانت دميمة ، وكانت قد ورثت عن أبيها مالا فكان جابر يرغب عن نكاحها ، ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان ناس في حجورهم جوار أيضا مثل ذلك ، فجعل جابر يسأل النبي صلى الله عليه وسلم : أترث الجارية إذا كانت قبيحة عمياء؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : نعم!! فأنزل الله فيهن هذا .
وقال آخرون : معنى ذلك : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب ، في آخر "سورة النساء" ، وذلك قوله : (
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) إلى آخر السورة [ سورة النساء : 176 ] .
[ ص: 258 ]
ذكر من قال ذلك :
10553 - حدثني
الحارث قال : حدثنا
عبد العزيز قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820سلام بن سليم ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون الولدان حتى يحتلموا ، فأنزل الله : "
ويستفتونك في النساء " ، إلى قوله"
فإن الله كان به عليما " . قال : ونزلت هذه الآية : (
إن امرؤ هلك ليس له ولد ) ، [ سورة النساء : 176 ] ، الآية كلها .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب يعني : في أول هذه السورة ، وذلك قوله : (
وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [ سورة النساء : 3 ]
ذكر من قال ذلك :
10554 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
ابن شهاب قال : أخبرني
عروة بن الزبير :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810395أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) ، قالت : يا ابن أختي ، هي اليتيمة تكون في حجر الرجل وليها ، تشاركه في ماله ، فيعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره . فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق . وأمروا [ ص: 259 ] أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن . قال عروة : قالت عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن ، فأنزل الله : " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " . قالت : والذي ذكر الله أنه يتلى في الكتاب : الآية الأولى التي قال فيها : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) .
10555 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
الليث قال : حدثني
يونس ، عن
ابن شهاب ، عن
عروة ، عن
عائشة مثله .
قال
أبو جعفر : فعلى هذه الأقوال الثلاثة التي ذكرناها "ما" التي في قوله :
وما يتلى عليكم في موضع خفض بمعنى العطف على "الهاء والنون" التي في قوله :
يفتيكم فيهن فكأنهم وجهوا تأويل الآية : قل الله يفتيكم ، أيها الناس ، في النساء ، وفيما يتلى عليكم في الكتاب .
وقال آخرون : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم من أصحابه ، سألوه عن أشياء من أمر النساء ، وتركوا المسألة عن أشياء أخر كانوا يفعلونها ، فأفتاهم الله فيما سألوا عنه ، وفيما تركوا المسألة عنه .
ذكر من قال ذلك :
10556 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى nindex.php?page=showalam&ids=16010وسفيان بن وكيع - قال
سفيان : حدثنا
عبد الأعلى - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، حدثني
عبد الأعلى قال : حدثنا
داود ، عن
[ ص: 260 ] محمد بن أبي موسى في هذه الآية : "
ويستفتونك في النساء " ، قال : استفتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم في النساء ، وسكتوا عن شيء كانوا يفعلونه ، فأنزل الله : "
ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب " ، ويفتيكم فيما لم تسألوا عنه . قال : كانوا لا يتزوجون اليتيمة إذا كان بها دمامة ، ولا يدفعون إليها مالها فتنفق ، فنزلت : "
قل الله يفتيكم في النساء وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " ، قال : "
والمستضعفين من الولدان " ، قال : كانوا يورثون الأكابر ولا يورثون الأصاغر . ثم أفتاهم فيما سكتوا عنه فقال : "
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير " ولفظ الحديث
لابن المثنى .
قال
أبو جعفر : فعلى هذا القول : "الذي يتلى علينا في الكتاب" ، الذي قال الله جل ثناؤه : "
قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم " : "
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، الآية . والذي سأل القوم فأجيبوا عنه في يتامى النساء : اللاتي كانوا لا يؤتونهن ما كتب الله لهن من الميراث عمن ورثته عنه .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرناها عنه بالصواب ، وأشبهها بظاهر التنزيل ، قول من قال : معنى قوله : "
وما يتلى عليكم في الكتاب " وما يتلى عليكم من آيات الفرائض في أول هذه السورة وآخرها .
[ ص: 261 ]
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن الصداق ليس مما كتب للنساء إلا بالنكاح ، فما لم تنكح فلا صداق لها قبل أحد . وإذا لم يكن ذلك لها قبل أحد ، لم يكن مما كتب لها . وإذا لم يكن مما كتب لها ، لم يكن لقول قائل : عنى بقوله : "
وما يتلى عليكم في الكتاب " ، الإقساط في صدقات يتامى النساء - وجه . لأن الله قال في سياق الآية مبينا عن الفتيا التي وعدنا أن يفتيناها : "
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، فأخبر أن بعض الذي يفتينا فيه من أمر النساء ، أمر اليتيمة المحول بينها وبين ما كتب الله لها . والصداق قبل عقد النكاح ، ليس مما كتب الله لها على أحد . فكان معلوما بذلك أن التي عنيت بهذه الآية ، هي التي قد حيل بينها وبين الذي كتب لها مما يتلى علينا في كتاب الله . فإذا كان ذلك كذلك ، كان معلوما أن ذلك هو الميراث الذي يوجبه الله لهن في كتابه .
فأما الذي ذكر عن
محمد بن أبي موسى ، فإنه مع خروجه من قول أهل التأويل ، بعيد مما يدل عليه ظاهر التنزيل . وذلك أنه زعم أن الذي عنى الله بقوله : "
وما يتلى عليكم في الكتاب " ، هو : "
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " . وإذا وجه الكلام إلى المعنى الذي تأوله ، صار الكلام مبتدأ من قوله : "
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، ترجمة بذلك عن قوله : "فيهن" ، ويصير معنى الكلام : قل الله يفتيكم فيهن ، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ، ولا دلالة
[ ص: 262 ] في الآية على ما قاله ، ولا أثر عمن يعلم بقوله صحة ذلك ، وإذ كان ذلك كذلك ، كان وصل معاني الكلام بعضه ببعض أولى ، ما وجد إليه سبيل . فإذ كان الأمر على ما وصفنا ، فقوله : "
في يتامى النساء " ، بأن يكون صلة لقوله : "
وما يتلى عليكم " ، أولى من أن يكون ترجمة عن قوله : "
قل الله يفتيكم فيهن " ، لقربه من قوله : "
وما يتلى عليكم في الكتاب " ، وانقطاعه عن قوله : "
يفتيكم فيهن " .
وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية : ويستفتونك في النساء ، قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في كتاب الله الذي أنزله على نبيه في أمر يتامى النساء اللاتي لا تعطونهن ما كتب لهن ، يعني ما فرض الله لهن من الميراث عمن ورثنه ، كما : -
10557 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد :
" لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : لا تورثونهن .
10558 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم قوله : "
لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : من الميراث . قال : كانوا لا يورثون النساء .
وترغبون أن تنكحوهن .
واختلف أهل التأويل في
معنى قوله : " وترغبون أن تنكحوهن " . فقال بعضهم : معنى ذلك : وترغبون عن نكاحهن . وقد مضى ذكر جماعة ممن قال ذلك ، وسنذكر قول آخرين لم نذكرهم .
10559 - حدثنا
حميد بن مسعدة السامي قال : حدثنا
بشر بن المفضل قال : حدثنا
عبيد الله بن عون ، عن
الحسن :
وترغبون أن تنكحوهن قال : ترغبون عنهن .
[ ص: 263 ]
10560 - حدثنا
يعقوب nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
ابن عون ، عن
الحسن ، مثله .
10561 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
ابن شهاب ، عن
عروة قال : قالت
عائشة في قول الله : "
وترغبون أن تنكحوهن " ، رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهن .
10562 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله يعني ابن صالح قال : حدثني
الليث قال : حدثني
يونس ، عن
ابن شهاب قال : قال
عروة ، قالت
عائشة ، فذكر مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك : وترغبون في نكاحهن . وقد مضى ذكر جماعة ممن قال ذلك قبل ، ونحن ذاكرو قول من لم نذكر منهم .
10563 - حدثنا
حميد بن مسعدة قال : حدثنا
بشر بن المفضل قال : حدثنا
ابن عون ، عن
محمد ، عن
عبيدة : "
وترغبون أن تنكحوهن " ، قال : وترغبون فيهن .
[ ص: 264 ]
10564 - حدثني
يعقوب بن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=13631وابن وكيع قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
ابن عون ، عن
محمد قال : قلت
لعبيدة :
وترغبون أن تنكحوهن قال : ترغبون فيهن .
10565 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس في قوله : "
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه ، فإذا فعل بها ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا . فإن كانت جميلة وهويها ، تزوجها وأكل مالها . وإن كانت دميمة منعها الرجل أبدا حتى تموت ، فإذا ماتت ورثها . فحرم الله ذلك ونهى عنه .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين بتأويل الآية ، قول من قال : معنى ذلك : "وترغبون عن أن تنكحوهن" . لأن حبسهم أموالهن عنهن مع عضلهم إياهن ، إنما كان ليرثوا أموالهن ، دون زوج إن تزوجن . ولو كان الذين حبسوا عنهن أموالهن ، إنما حبسوها عنهن رغبة في نكاحهن ، لم يكن للحبس عنهن وجه معروف ، لأنهم كانوا أولياءهن ، ولم يكن يمنعهم من نكاحهن مانع ، فيكون به حاجة إلى حبس مالها عنها ، ليتخذ حبسها عنها سببا إلى إنكاحها نفسها منه .