تأويل قوله : ( من الشيطان )
قال
أبو جعفر : والشيطان ، في كلام
العرب : كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء . وكذلك قال ربنا جل ثناؤه : (
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن ) [ سورة الأنعام : 112 ] ، فجعل من الإنس شياطين ، مثل الذي جعل من الجن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وركب برذونا فجعل يتبختر به ، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا ، فنزل عنه ، وقال : ما حملتموني إلا على شيطان! ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي .
136 - حدثنا بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن
عمر .
قال
أبو جعفر : وإنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا ، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه وأفعاله ، وبعده من الخير . وقد قيل : إنه أخذ من
[ ص: 112 ] قول القائل : شطنت داري من دارك - يريد بذلك : بعدت . ومن ذلك قول
نابغة بني ذبيان :
نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهين
والنوى : الوجه الذي نوته وقصدته . والشطون : البعيد . فكأن الشيطان - على هذا التأويل - فيعال من شطن . ومما يدل على أن ذلك كذلك ، قول
أمية بن أبي الصلت :
أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأكبال
ولو كان فعلان ، من شاط يشيط ، لقال : أيما شائط ، ولكنه قال : أيما شاطن ، لأنه من "شطن يشطن ، فهو شاطن" .