القول في تأويل قوله (
وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ( 128 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معناه : وأحضرت أنفس النساء الشح على أنصبائهن من أنفس أزواجهن وأموالهم .
ذكر من قال ذلك :
10609 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
عمران بن عيينة ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : نصيبها منه .
10610 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
أبو أحمد وحدثنا
ابن وكيع قال :
[ ص: 280 ] حدثنا
ابن يمان قالا جميعا : حدثنا
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام .
10611 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام والنفقة .
10612 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن مهدي وابن يمان ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، قال : في النفقة .
10613 - حدثنا
ابن وكيع . . قال : حدثنا
روح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قال : في النفقة .
10614 - وحدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام .
10615 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
محمد بن جعفر قال : حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير في هذه الآية : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : نفس المرأة على نصيبها من زوجها ، من نفسه وماله .
10616 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير ، بمثله .
10617 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى قال : أخبرنا
ابن المبارك ، قال : حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير ، مثله .
10618 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن يمان ، عن
سفيان ، عن رجل ، عن
سعيد بن جبير : في النفقة .
[ ص: 281 ]
10619 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن مهدي ، عن
سفيان ، عن
الشيباني ، عن
بكير بن الأخنس ، عن
سعيد بن جبير قال : في الأيام والنفقة .
10620 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
ابن مهدي ، عن
سفيان ، عن
الشيباني ، عن
سعيد بن جبير قال : في الأيام والنفقة .
10621 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير في قوله : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : المرأة تشح على مال زوجها ونفسه .
10622 - حدثنا
المثنى قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15678حبان بن موسى قال : أخبرنا
ابن المبارك ، عن
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد بن جبير قال : جاءت المرأة حين نزلت هذه الآية : "
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قالت : "إني أريد أن تقسم لي من نفسك"! وقد كانت رضيت أن يدعها فلا يطلقها ولا يأتيها ، فأنزل الله : "
وأحضرت الأنفس الشح " .
10623 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : تطلع نفسها إلى زوجها وإلى نفقته . قال : وزعم أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي
nindex.php?page=showalam&ids=93سودة بنت زمعة : كانت قد كبرت ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها ، فاصطلحا على أن يمسكها ، ويجعل يومها
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة ، فشحت بمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : معنى ذلك : وأحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة ، الشح بحقه قبل صاحبه .
ذكر من قال ذلك :
10624 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : سمعت
ابن زيد [ ص: 282 ] يقول في قوله : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله ، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئا من مالها فتعطفه عليها .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى بذلك : أحضرت أنفس النساء الشح بأنصبائهن من أزواجهن في الأيام والنفقة .
و "الشح" : الإفراط في الحرص على الشيء ، وهو في هذا الموضع : إفراط حرص المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها .
فتأويل الكلام : وأحضرت أنفس النساء أهواءهن ، من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن والشح بذلك على ضرائرهن .
وبنحو ما قلنا في معنى "الشح" ذكر عن
ابن عباس أنه كان يقول :
10625 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، والشح ، هواه في الشيء يحرص عليه .
وإنما قلنا : هذا القول أولى بالصواب ، من قول من قال : "عني بذلك : وأحضرت أنفس الرجال والنساء الشح" ، على ما قاله
ابن زيد لأن
مصالحة الرجل امرأته بإعطائه إياها من ماله جعلا على أن تصفح له عن القسم لها ، غير جائزة . وذلك أنه غير معتاض عوضا من جعله الذي بذله لها . والجعل لا يصح إلا على عوض : إما عين ، وإما منفعة . والرجل متى جعل للمرأة جعلا على أن تصفح له عن يومها وليلتها ، فلم يملك عليها عينا ولا منفعة . وإذ كان ذلك كذلك ، كان ذلك من معاني أكل المال بالباطل . وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أنه لا وجه لقول من قال : "عنى بذلك الرجل والمرأة" .
[ ص: 283 ]
فإن ظن ظان أن ذلك إذ كان حقا للمرأة ، ولها المطالبة به ، فللرجل افتداؤه منها بجعل ، فإن شفعة المستشفع في حصة من دار اشتراها رجل من شريك له فيها حق ، له المطالبة بها ، فقد يجب أن يكون للمطلوب افتداء ذلك منه بجعل . وفي إجماع الجميع على أن الصلح في ذلك على عوض غير جائز ، إذ كان غير معتاض منه المطلوب في الشفعة عينا ولا نفعا ما يدل على بطول صلح الرجل امرأته على عوض ، على أن تصفح عن مطالبتها إياه بالقسمة لها .
وإذا فسد ذلك ، صح أن تأويل الآية ما قلنا . وقد أبان الخبر الذي ذكرناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار أن قوله : "
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، الآية : نزلت في أمر
رافع بن خديج وزوجته ، إذ تزوج عليها شابة ، فآثر الشابة عليها ، فأبت الكبيرة أن تقر على الأثرة ، فطلقها تطليقة وتركها . فلما قارب انقضاء عدتها خيرها بين الفراق والرجعة والصبر على الأثرة ، فاختارت الرجعة والصبر على الأثرة . فراجعها وآثر عليها ، فلم تصبر ، فطلقها . ففي ذلك دليل واضح على أن قوله : "
وأحضرت الأنفس الشح " ، إنما عني به : وأحضرت أنفس النساء الشح بحقوقهن من أزواجهن ، على ما وصفنا .
قال
أبو جعفر : وأما قوله "
وإن تحسنوا وتتقوا " ، فإنه يعني : وإن تحسنوا ، أيها الرجال ، في أفعالكم إلى نسائكم ، إذا كرهتم منهن دمامة أو خلقا أو بعض ما تكرهون منهن بالصبر عليهن ، وإيفائهن حقوقهن ، وعشرتهن بالمعروف وتتقوا يقول : وتتقوا الله فيهن بترك الجور منكم عليهن فيما يجب لمن كرهتموه منهن عليكم ، من القسمة له والنفقة والعشرة بالمعروف
[ ص: 284 ] "
فإن الله كان بما تعملون خبيرا " ، يقول : فإن الله كان بما تعملون في أمور نسائكم ، أيها الرجال ، من الإحسان إليهن والعشرة بالمعروف ، والجور عليهن فيما يلزمكم لهن ويجب خبيرا يعني : عالما خابرا ، لا يخفى عليه منه شيء ، بل هو به عالم ، وله محص عليكم ، حتى يوفيكم جزاء ذلك : المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته .