القول في تأويل قوله (
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ( 143 ) )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "مذبذبين" ، مرددين .
وأصل "التذبذب" ، التحرك والاضطراب ، كما قال
النابغة :
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
وإنما عنى الله بذلك : أن المنافقين متحيرون في دينهم ، لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحة ، فهم لا مع المؤمنين على بصيرة ، ولا مع المشركين على جهالة ، ولكنهم حيارى بين ذلك ، فمثلهم المثل الذي ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي : -
[ ص: 333 ]
10728 - حدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : حدثنا
عبد الوهاب قال : حدثنا
عبيد الله ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810399مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ، لا تدري أيهما تتبع!
10729 - وحدثنا به
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى مرة أخرى ، عن
عبد الوهاب ، فوقفه على
ابن عمر ، ولم يرفعه قال : حدثنا
عبد الوهاب مرتين كذلك .
10730 - حدثني
عمران بن بكار قال : حدثنا
أبو روح قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948ابن عياش قال : حدثنا
عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 334 ]
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
10731 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " ، يقول : ليسوا بمشركين فيظهروا الشرك ، وليسوا بمؤمنين .
10732 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " ، يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ، ولا مشركين مصرحين بالشرك . قال :
وذكر لنا أن نبي الله عليه السلام كان يضرب مثلا للمؤمن والمنافق والكافر ، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي ، فإني أخشى عليك! وناداه المؤمن : أن هلم إلي ، فإن عندي وعندي! يحصي له ما عنده . فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه آذي فغرقه . وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة ، حتى أتى عليه الموت وهو كذلك . قال : وذكر لنا
nindex.php?page=hadith&LINKID=812103أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين ، رأت غنما على نشز [ ص: 335 ] فأتتها فلم تعرف ، ثم رأت غنما على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف .
10733 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
مذبذبين " ، قال : المنافقون .
10734 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " ، يقول : لا إلى أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا إلى هؤلاء
اليهود .
10735 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : "
مذبذبين بين ذلك " ، قال : لم يخلصوا الإيمان فيكونوا مع المؤمنين ، وليسوا مع أهل الشرك .
10736 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
مذبذبين بين ذلك " ، بين الإسلام والكفر "لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " .
وأما
قوله : " ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا " ، فإنه يعني : من يخذله الله عن طريق الرشاد ، وذلك هو الإسلام الذي دعا الله إليه عباده . يقول : من يخذله الله عنه فلم يوفقه له "فلن تجد له" ، يا
محمد "سبيلا" ، يعني : طريقا يسلكه إلى الحق غيره . وأي سبيل يكون له إلى الحق غير الإسلام ؟ وقد أخبر الله جل ثناؤه : أنه من يبتغ غيره دينا فلن يقبل منه ، ومن أضله الله عنه فقد غوى فلا هادي له غيره .