[ ص: 486 ] القول في
تأويل قوله ( شنآن قوم )
اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأه بعضهم : ( شنآن ) بتحريك"الشين والنون" إلى الفتح ، بمعنى : بغض قوم ، توجيها منهم ذلك إلى المصدر الذي يأتي على"فعلان" ، نظير"الطيران" و"النسلان" و"العسلان" و"الرملان" .
وقرأ ذلك آخرون : شنآن قوم بتسكين"النون" وفتح"الشين" بمعنى : الاسم ، توجيها منهم معناه إلى : لا يجرمنكم بغيض قوم فيخرج"شنآن" على تقدير"فعلان" ، لأن"فعل" منه على"فعل" كما يقال : "سكران" من"سكر" ، و"عطشان" من"عطش" ، وما أشبه ذلك من الأسماء .
قال
أبو جعفر : والذي هو أولى القراءتين في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأ : (
شنآن قوم ) بفتح"النون" محركة ، لشائع تأويل أهل التأويل على أن معناه : بغض قوم وتوجيههم ذلك إلى معنى المصدر دون معنى الاسم .
وإذ كان ذلك موجها إلى معنى المصدر ، فالفصيح من كلام العرب فيما جاء من المصادر على"الفعلان" بفتح"الفاء" ، تحريك ثانيه دون تسكينه ، كما وصفت من قولهم : "الدرجان" و"الرملان" ، من"درج" و"رمل" ، فكذلك"الشنآن" من"شنئته أشنؤه شنآنا" ، ومن العرب من يقول : "شنان" على تقدير"فعال" ، ولا أعلم قارئا قرأ ذلك كذلك ، ومن ذلك قول الشاعر :
[ ص: 487 ] وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
وهذا في لغة من ترك الهمز من"الشنآن" ، فصار على تقدير"فعال" وهو في الأصل"فعلان" .
ذكر من قال من أهل التأويل : "شنآن قوم" ، بغض قوم .
10993 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "ولا يجرمنكم شنآن قوم" ، لا يحملنكم بغض قوم .
10994 - وحدثني به
المثنى مرة أخرى بإسناده ، عن
ابن عباس فقال : لا يحملنكم عداوة قوم أن تعتدوا .
10995 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "ولا يجرمنكم شنآن قوم" ، لا يجرمنكم بغض قوم .
10996 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "ولا يجرمنكم شنآن قوم " ، قال : بغضاؤهم ، أن تعتدوا .