[ ص: 535 ] القول في تأويل قوله (
غير متجانف لإثم )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حرمت عليه منكم ، أيها المؤمنون ، من الميتة ، والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية "غير متجانف لإثم" ، يقول : لا متجانفا لإثم .
فلذلك نصب"غير" لخروجها من الاسم الذي في قوله : "فمن اضطر" وهي بمعنى : "لا" ، فنصب بالمعنى الذي كان به منصوبا"المتجانف" ، لو جاء الكلام : "لا متجانفا" .
وأما"المتجانف لإثم" ، فإنه المتمايل له ، المنحرف إليه . وهو في هذا الموضع مراد به المتعمد له ، القاصد إليه ، من"جنف القوم علي" ، إذا مالوا . وكل أعوج فهو"أجنف" ، عند العرب .
وقد بينا معنى"الجنف" بشواهده في قوله : (
فمن خاف من موص جنفا ) [ سورة البقرة : 182 ] ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما تجانف آكل الميتة في أكلها وفي غيرها مما حرم الله أكله على المؤمنين
[ ص: 536 ] بهذه الآية ، للإثم في حال أكله فهو : تعمده أكل ذلك لغير دفع الضرورة النازلة به ولكن لمعصية الله ، وخلاف أمره فيما أمره به من ترك أكل ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11119 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم " ، يعني : إلى ما حرم ، مما سمى في صدر هذه الآية "غير متجانف لإثم" ، يقول : غير متعمد لإثم .
11120 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "غير متجانف لإثم" ، غير متعمد لإثم . قال : إلى حرم الله ، ما حرم رخص للمضطر إذا كان غير متعمد لإثم ، أن يأكله من جهد . فمن بغى ، أو عدا ، أو خرج في معصية لله ، فإنه محرم عليه أن يأكله .
11121 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "غير متجانف لإثم" ، أي : غير متعرض لمعصية .
11122 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة : "
غير متجانف لإثم " ، غير متعمد لإثم ، غير متعرض .
11123 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "غير متجانف لإثم" ، يقول : غير متعرض لإثم ، أي : يبتغي فيه شهوة ، أو يعتدي في أكله .
[ ص: 537 ]
11124 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد فى قوله : "
غير متجانف لإثم " ، لا يأكل ذلك ابتغاء الإثم ، ولا جراءة عليه .