القول في تأويل قوله (
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ( 5 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "
ومن يكفر بالإيمان " ، ومن يجحد ما أمر الله بالتصديق به ، من توحيد الله ونبوة
محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به
[ ص: 592 ] من عند الله وهو"الإيمان" ، الذي قال الله جل ثناؤه : "
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله " يقول : فقد بطل ثواب عمله الذي كان يعمله في الدنيا ، يرجو أن يدرك به منزلة عند الله . "
وهو في الآخرة من الخاسرين " ، يقول : وهو في الآخرة من الهالكين ، الذين غبنوا أنفسهم حظوظها من ثواب الله بكفرهم
بمحمد ، وعملهم بغير طاعة الله .
وقد ذكر أن قوله : "
ومن يكفر بالإيمان " ، عنى به أهل الكتاب ، وأنه أنزل على رسول الله صلى عليه وسلم من أجل قوم تحرجوا نكاح نساء أهل الكتاب لما قيل لهم : "
أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " .
ذكر من قال ذلك :
11290 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : ذكر لنا أن ناسا من المسلمين قالوا : كيف نتزوج نساءهم يعني : نساء أهل الكتاب وهم على غير ديننا ؟ فأنزل الله عز ذكره : "
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين " ، فأحل الله تزويجهن على علم .
وبنحو الذي قلنا في
تأويل"الإيمان" قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك .
11291 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
مؤمل قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء : "
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله " ، قال : "الله" ، الإيمان .
[ ص: 593 ]
11292 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن يمان ، عن
واصل ، عن
عطاء : "ومن يكفر بالإيمان" ، قال : "الإيمان" ، التوحيد .
11293 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : "ومن يكفر بالإيمان" ، قال : بالله .
11294 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
11295 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد في قوله : "
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله " ، قال : من يكفر بالله .
11296 - حدثنا
محمد قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "ومن يكفر بالإيمان" ، قال : من يكفر بالله .
11297 - حدثنا
محمد قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "ومن يكفر بالإيمان" ، قال : الكفر بالله .
11298 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة . قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
11299 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله " ، قال : أخبر الله سبحانه أن"الإيمان" هو العروة الوثقى ، وأنه لا يقبل عملا إلا به ، ولا يحرم الجنة إلا على من تركه .
فإن قال لنا قائل : وما وجه تأويل من وجه قوله : "
ومن يكفر بالإيمان " ، إلى معنى : ومن يكفر بالله ؟
[ ص: 594 ]
قيل : وجه تأويله ذلك كذلك ، أن"الإيمان" هو التصديق بالله وبرسله وما ابتعثهم به من دينه ، و"الكفر" جحود ذلك . قالوا : فمعنى"الكفر بالإيمان" ، هو جحود الله وجحود توحيده . ففسروا معنى الكلمة بما أريد بها ، وأعرضوا عن تفسير الكلمة على حقيقة ألفاظها وظاهرها في التلاوة .
فإن قال قائل : فما تأويلها على ظاهرها وحقيقة ألفاظها ؟
قيل : تأويلها : ومن يأب الإيمان بالله ، ويمتنع من توحيده والطاعة له فيما أمره به ونهاه عنه ، فقد حبط عمله . وذلك أن"الكفر" هو الجحود في كلام العرب ، و"الإيمان" التصديق والإقرار . ومن أبى التصديق بتوحيد الله والإقرار به ، فهو من الكافرين فذلك تأويل الكلام على وجهه .