القول في
تأويل قوله تعالى : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : "
ولا تلبسوا " لا تخلطوا . واللبس هو الخلط .
[ ص: 567 ] يقال منه : لبست عليه هذا الأمر ألبسه لبسا : إذا خلطته عليه . كما :
822 - حدثت عن
المنجاب ، عن
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس في قوله : (
وللبسنا عليهم ما يلبسون ) [ سورة الأنعام : 9 ] يقول : لخلطنا عليهم ما يخلطون .
ومنه قول
العجاج :
لما لبسن الحق بالتجني غنين واستبدلن زيدا مني
يعني بقوله : " لبسن " خلطن . وأما اللبس فإنه يقال منه : لبسته ألبسه لبسا وملبسا ، وذلك الكسوة يكتسيها فيلبسها . ومن اللبس قول
الأخطل :
لقد لبست لهذا الدهر أعصره حتى تجلل رأسي الشيب واشتعلا
ومن اللبس قول الله جل ثناؤه : (
وللبسنا عليهم ما يلبسون ) . [ سورة الأنعام : 9 ]
فإن قال لنا قائل وكيف كانوا يلبسون الحق بالباطل وهم كفار ؟ وأي حق كانوا عليه مع كفرهم بالله ؟
قيل : إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق
بمحمد صلى الله عليه وسلم ويستبطنون الكفر به . وكان عظمهم يقولون :
محمد نبي مبعوث ، إلا أنه
[ ص: 568 ] مبعوث إلى غيرنا . فكان لبس المنافق منهم الحق بالباطل ، إظهاره الحق بلسانه ، وإقراره
بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به جهارا ، وخلطه ذلك الظاهر من الحق بما يستبطنه . وكان لبس المقر منهم بأنه مبعوث إلى غيرهم ، الجاحد أنه مبعوث إليهم ، إقراره بأنه مبعوث إلى غيرهم ، وهو الحق ، وجحوده أنه مبعوث إليهم ، وهو الباطل ، وقد بعثه الله إلى الخلق كافة . فذلك خلطهم الحق بالباطل ولبسهم إياه به . كما :
823 - حدثنا به
أبو كريب ، قال : حدثنا
عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا
بشر بن عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس ، قوله : "
ولا تلبسوا الحق بالباطل " قال : لا تخلطوا الصدق بالكذب .
824 - وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
آدم ، قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : "
ولا تلبسوا الحق بالباطل " يقول : لا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله في أمر
محمد صلى الله عليه وسلم .
825 - وحدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثني
حجاج ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
مجاهد : "
ولا تلبسوا الحق بالباطل " اليهودية والنصرانية بالإسلام .
826 - وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال قال
ابن زيد في قوله : "
ولا تلبسوا الحق بالباطل " قال : الحق التوراة الذي أنزل الله على
موسى ، والباطل : الذي كتبوه بأيديهم .