القول في تأويل قوله عز ذكره (
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير )
قال
أبو جعفر : يقول عز ذكره لجماعة أهل الكتاب من
اليهود والنصارى الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا أهل الكتاب" من
اليهود والنصارى "قد جاءكم رسولنا" ، يعني
محمدا صلى الله عليه وسلم ، كما : -
[ ص: 141 ]
11608 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا " ، وهو
محمد صلى الله عليه وسلم .
وقوله : "
يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب " ، يقول : يبين لكم
محمد رسولنا كثيرا مما كنتم تكتمونه الناس ولا تبينونه لهم مما في كتابكم . وكان مما يخفونه من كتابهم فبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس رجم الزانيين المحصنين .
وقيل : إن هذه الآية نزلت في تبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك للناس من إخفائهم ذلك من كتابهم .
ذكر من قال ذلك :
11609 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
الحسين بن واقد ، عن
يزيد النحوي ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : من كفر بالرجم ، فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب . قوله : "
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب " ، فكان الرجم مما أخفوا . .
11610 - حدثنا
عبد الله بن أحمد بن شبويه ، أخبرنا
علي بن الحسن قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
يزيد ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، مثله . .
[ ص: 142 ]
11611 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الوهاب الثقفي ، عن
خالد الحذاء ، عن
عكرمة في قوله : "
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم " ، إلى قوله : "صراط مستقيم" ، قال : إن نبي الله أتاه اليهود يسألونه عن الرجم ، واجتمعوا في بيت ، قال : أيكم أعلم؟ فأشاروا إلى
ابن صوريا ، فقال : أنت أعلمهم؟ قال : سل عما شئت ، قال ، "أنت أعلمهم؟" قال : إنهم ليزعمون ذلك! قال : فناشده بالذي أنزل التوراة على
موسى ، والذي رفع
الطور ، وناشده بالمواثيق التي أخذت عليهم ، حتى أخذه أفكل ، فقال : إن نساءنا نساء حسان ، فكثر فينا القتل ، فاختصرنا أخصورة ، فجلدنا مائة ، وحلقنا الرءوس ، وخالفنا بين الرءوس إلى الدواب . أحسبه قال الإبل ، قال : فحكم عليهم بالرجم ، فأنزل الله فيهم : "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم" ، الآية وهذه الآية : (
وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم )
[ ص: 143 ] [ سورة البقرة : 76 ] .
وقوله : "ويعفو عن كثير" يعني بقوله : "ويعفو" ، ويترك أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم الذي أنزله الله إليكم ، وهو التوراة ، فلا تعملون به حتى يأمره الله بأخذكم به . .