القول في تأويل قوله عز ذكره (
قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ( 24 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ذكره عن قول الملإ من قوم
موسى لموسى ، إذ رغبوا في جهاد عدوهم ، ووعدوا نصر الله إياهم إن هم ناهضوهم ودخلوا عليهم باب مدينتهم ، أنهم قالوا له : "
إنا لن ندخلها أبدا " يعنون : إنا لن ندخل مدينتهم أبدا .
[ ص: 185 ]
و"الهاء والألف" في قوله : "إنا لن ندخلها" ، من ذكر"المدينة" .
ويعنون بقولهم : "أبدا" ، أيام حياتنا "ما داموا فيها" ، يعنون : ما كان الجبارون مقيمين في تلك المدينة التي كتبها الله لهم وأمروا بدخولها"
فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ، لا نجيء معك يا
موسى إن ذهبت إليهم لقتالهم ، ولكن نتركك تذهب أنت وحدك وربك فتقاتلانهم .
وكان بعضهم يقول في ذلك : ليس معنى الكلام : اذهب أنت ، وليذهب معك ربك فقاتلا ولكن معناه : اذهب أنت ، يا
موسى ، وليعنك ربك . وذلك أن الله عز ذكره لا يجوز عليه الذهاب .
وهذا إنما كان يحتاج إلى طلب المخرج له ، لو كان الخبر عن قوم مؤمنين . فأما قوم أهل خلاف على الله عز ذكره ورسوله ، فلا وجه لطلب المخرج لكلامهم فيما قالوا في الله عز وجل وافتروا عليه ، إلا بما يشبه كفرهم وضلالتهم .
وقد ذكر عن المقداد أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قال قوم
موسى لموسى .
11682 - حدثنا
سفيان بن وكيع قال : حدثنا
أبي وحدثنا
هناد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
مخارق ، عن
طارق : أن
المقداد بن الأسود قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل : "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون" ، ولكن نقول :
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون .
[ ص: 186 ]
11683 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم
الحديبية ، حين صد المشركون الهدي وحيل بينهم وبين مناسكهم : "إني ذاهب بالهدي فناحره عند البيت! فقال له
المقداد بن الأسود : أما والله لا نكون كالملإ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيهم : "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون" ولكن : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون! فلما سمعها أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم تتابعوا على ذلك .
وكان
ابن عباس ، والضحاك بن مزاحم ، وجماعة غيرهما يقولون : إنما قالوا هذا القول
لموسى عليه السلام ، حين تبين لهم أمر الجبارين وشدة بطشهم .
11684 - حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ الفضل بن خالد قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول : أمر الله جل وعز بني إسرائيل أن يسيروا إلى
الأرض المقدسة مع نبيهم
موسى عليه السلام ، فلما كانوا قريبا من المدينة قال لهم
موسى : "ادخلوها" ، فأبوا وجبنوا ، وبعثوا اثني عشر نقيبا لينظروا
[ ص: 187 ] إليهم ، فانطلقوا فنظروا فجاءوا بحبة فاكهة من فاكهتهم بوقر الرجل ، فقالوا : اقدروا قوة قوم وبأسهم هذه فاكهتهم! فعند ذلك قالوا
لموسى : "
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " .
11685 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، نحوه .