القول في تأويل قوله جل ثناؤه (
قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ( 25 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل وعز عن قيل قوم
موسى حين قال له قومه ما قالوا ، من قولهم : "
إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " أنه قال عند ذلك ، وغضب من قيلهم له داعيا : يا رب ، إني لا أملك إلا نفسي وأخي يعني بذلك ، لا أقدر على أحد أن أحمله على ما أحب وأريد من طاعتك واتباع أمرك ونهيك إلا على نفسي وعلى أخي .
من قول القائل : "ما أملك من الأمر شيئا إلا كذا وكذا" ، بمعنى : لا أقدر على شيء غيره .
[ ص: 188 ]
ويعني بقوله : "
فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " ، افصل بيننا وبينهم بقضاء منك تقضيه فينا وفيهم فتبعدهم منا .
من قول القائل : "فرقت بين هذين الشيئين" ، بمعنى : فصلت بينهما ، من قول الراجز :
يا رب فافرق بينه وبيني أشد ما فرقت بين اثنين
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك :
11686 - حدثني
محمد بن سعد قال حدثني
أبي قال : حدثني
عمي [ ص: 189 ] قال : حدثني
أبي ، عن
أبيه ، عن
ابن عباس : "
فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " ، يقول : اقض بيني وبينهم .
11687 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس : "فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين" ، يقول : اقض بيننا وبينهم .
11688 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : غضب
موسى صلى الله عليه وسلم حين قال له القوم : "
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ، فدعا عليهم فقال : "
رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " ، وكانت عجلة من
موسى عجلها .
11689 - حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : "
فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " ، يقول : اقض بيننا وبينهم ، وافتح بيننا وبينهم كل هذا يقول الرجل : "اقض بيننا"
فقضاء الله جل ثناؤه بينه وبينهم : أن سماهم "فاسقين" .
وعنى بقوله : "الفاسقين" الخارجين عن الإيمان بالله وبه إلى الكفر بالله وبه .
وقد دللنا على أن معنى"الفسق " ، الخروج من شيء إلى شيء ، فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .